ولما كانوا قد أكدوا الإخبار بإيمانهم، وهو باطل، أكد سبحانه الإخبار بكذبهم، ومن أصدق منه سبحانه قيلاً، فقال تحقيقاً لقوله تعالى ﴿ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه﴾﴿وإنهم لكاذبون﴾ [الأنعام : ٢٨] :﴿إنكم عائدون﴾ أي ثابت عودكم بعد كشفنا عنكم في ذلك الزمن القصير إلى الكفران وإن أكدتم حصول الإيمان بأكيد الإيمان لما في جبلاتكم من العوج ولطباعكم من المبادرة إلى الزلل، فإيمانكم هذا الذي أخبرتم برسوخه عرض زائل وخيال باطل، وإن كان هذا في آخر الزمان فلا يدع أن يكون الخطاب لهم على حقيقته بملك أو غيره ممن يرده الله تعالى لأن ذلك زمان خرق العادات ونقض المطردات إقامة للحجة عليهم وله الحجة البالغة، وتأديباً لنا وتعليماً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٦
ولما كان اليوم قد يراد به المن المجتمع في حكم من الأحكام، وكان زمان الدخان إن كان المراد به القحط الذي كان قبل يوم بدر أو ما يقرب من الساعة يسمى يوماً واحداً لاتحاد ذلك الحكم، أبدل من ﴿يوم الدخان﴾ قوله تهديداً بشق الأكباد :﴿يوم نبطش﴾ أي بما لنا من العظمة، والبطش : الأخذ بقوة ﴿ابطشة الكبرى﴾ أي التي تنحل لها عراهم وتنخل بها عزائمهم وقواهم ولا يحتملها حقائقهم ولا مناهم، سواء
٦٩
كانت البطشة يوم بدر أو غيره فيخسر هنالك من كشف حال الابتلاء عن طغيانه، وتمرده على ربه وعصيانهن ويجوز أن يكون هذا ظرفاً لعائدون.
ولما كان ما له سبحانه من الحلم وطول الإمهال موجباً لأهل البلادة والغلظة الشك في وعيده، قال مؤكداً ﴿إنا منتقمون﴾ أي ذلك سفة ثابتة لم نزل نفعلها بأعدائنا لنسر أضدادهم في أوليائنا.


الصفحة التالية
Icon