ولما أخبر بمجيئه إليهم بالرسالة التي لا تكون إلا بالقول، فسر ما بلغهم منها بقوله :﴿أن أدوا﴾ أي أوصلوا مع البشر وطيب النفس، وأبرز ذلك في صيغة الأمر الذي لا يسوغ مخالفته ولما كان بين موسى عليه الصلاة والسلام وبين تصرفه في قومه حائل كثيف منظلم فرعون وقومه، أشار إليه بحرف الغاية فقال :﴿إليّ﴾ ونبهه على أنه
٧٠
لا حكم له عليهم بقوله ﴿عباد الله﴾ أي بني إسرائيل الذين استعبدتموهم ظلماً وليست عليهم عبودية إلا للذي أظهر في أمورهم صفات جلاله وجماله بما صنع مع آبائهم إبراهيم عليه الصلاة والسلام ومن بعده وما سيظهر مما ترونه وما يكون بعدكم.
ولما كان لهم به من النفع إن تبعوا ما جاءهم به والضر إن ردوه ما ليس لغيرهم، وكان لا يقدر على تأدية بني إسرائيل إليه من أهل الأرض غيرهم لاحتوائهم عليهم كان تقديم الجار في أحكم مواضعه فلذلك قال مؤكداً فإنكارهم لرسالته عليه الصلاة والسلام :﴿إني لكم﴾ أي خاصة بسبب ذلك ﴿رسول﴾ أي من عند من لا تكون الرسالة الكاملة إلا منه، ولما كان الإنسان لا يأتمن على السياسة إلا ثقة كافياً، قال واصفاً لنفسه بما يزيل عذهرم ويقيم الحجة عليهم :﴿أمين﴾ أي بالغ الأمانة لأن الملك الديان لا يرسل إلا من كان كذلك.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٦٩
ولما كان استبعاد عبد الغير بغير حق في صورة العلو على مالك العبد قال :﴿وأن لا تلعوا﴾ أي تفعلوا باستعبادكم لبني إسرائيل نبي الله ابن خليل الله فعل العالي ﴿على الله﴾ الذي له مجامع العظمة ومعاقد العزة بنفوذ الكلمة وجميع أصاف الكمال فإنكم إن فعلتم ذلك أخذكم بعزته ودمركم بعظمته.


الصفحة التالية
Icon