جزء : ٧ رقم الصفحة : ٧١
ولما أرشد السياق ولا بد إلى تقدير : فأسرى موسى بعباد الله كما أمره الله فتعبهم آل فرعون كما أخبر سبحانه، ففتح الله البحر بباهر قدرته وأمسك ماءه كالجدران بقاهر عظمته وتركه بعد طلوعهم منه على حالته فتبعهم عباد الشيطان بما فاض عليهم من
٧٣
شقاوته فأغرقهم الله بعزته لم يفلت منهم أحد، عبر سبحانه عن هذا كله بقوله على طريق الاستئناف :﴿كم تركوا﴾ أي الذي سبق الحكم بإغراقهم فغرقوا ﴿من جنات﴾ أي بساتين هي في غاية ما يكون من طيب الأرض وكثرة الأشجار وزكاء الثمار والنبات وحسنها الذي يسر المهموم ويستر الهموم، ودل على كرم الأرض بقوله :﴿وعيون وزروع﴾ أي مما هو دون الأشجار.
ولما كان ذلك لا يكمل إلا بمنازل ومناظر في الجنان غيرها فقال :﴿ومقام كريم﴾ أي مجلس شريق هو أهل لأن يقيم الإنسان فيه، لأن النهاية فيما يرضيه.
ولما كان ذلك قد يكون بتعب صاحبة فيه، دل على أنه كان بكد غيرهم وهم في غاية الترف، وهذا هو الذي حملهم على اتباع من كان يكفيهم ذلك حتى أداهم إلى الغرق قال :﴿ومقام كريم﴾ أي مجلس شريف هو أهل لأن يقيم الإنسان فيه، لأن النهاية فيما يرضيه.
ولما كان ذلك قد يكون بتعب صاحبة فيه، دل على أنه كان بكد غيرهم وهم في غاية الترف، وهذا هو الذي حملهم على اتباع من كان يكفيهم ذلك حتى أداهم إلى الغرق قال :﴿ونعمة﴾ هي بفتح النون اسم للتنعم بمعنى الترفه والعيش اللين الرغد، وأما التي بالكسر فهي الإنعام ﴿كانوا فيها﴾ أي دائماً ﴿فاكهين﴾ أي فعلهم في عيشهم فعل المترفه لا فعل من يضطر إلى إقامة نفسه.
ولما كان هذا أمراً عظيماً لا يكاد يصدق أن يكون لأحد، دل على عظمه وحصوله لهم بقوله :﴿كذلك﴾ أي الأمر كما أخبرنا به من تنعيمهم وإخراجهم وإغراقهم وأنهم تركوا جميع ما كانوا فيه لم يغن عنهم شيء منه، فلا يغترن أحد بما ابتليناه به من النعم لئلا يصنع به من الإهلاك ما صنعنا بهم.


الصفحة التالية
Icon