ولما ذكر ما يشمل الماء، ذكر سبب السحاب الذي يحمله فقال :﴿وتصريف الرياح﴾ في كل جهة من جهات الكون وفي كل معنى من رحمة وعذاب وغير ذلك من الأسباب، ولم يذكر الفلك والسحاب كما في البقرة لاقتضاء اللبابية المسماة بها الحواميم، ذلك لأنهما من جملة منافع التصريف، وتوحيد حمزة والكسائي أبلغ لأن تصريف الشيء الواحد في الوجوه الكثير أعجب ﴿آيات﴾ قراءة الرفع أبلغ لإشارتها بعدم الحاجة إلى التأكيد إلى أن ما في الآية ظاهر الدلالة على القدرة والاختيار للصانع بما في التصريف من الاختلاف، والماء بما يحدث عنه من الإنبات أوضح دلالة من بقيتها على
٩١
البعث، ولاجل شدة ظهورها ناط الأمر فيها بالعقل فقال :﴿لقوم يعقلون *﴾ وقال القالي : والمعنى أن المنصفين لما نظروا في السماوات والأرض وأنه لا بد لهما من صانع آمنوا، فإذا نظروا في خلق أنفسهم ونحوها ازدادوا إيماناً فأيقنوا، فإذا نظروا في سائر الحوادث عقلوا واستحكم علمهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٨٨
ولما ذكر هذه الآيات العظيمات، وكانت كلها مشتركة في العظم، بعد ما أشار إلى تباين رتبها في الخفاء والجلاء بفواصلها، قال مشيراً إلى علو رتبها بأداة البعد :﴿تلك﴾ أي الآيات الكبرى ﴿آيات الله﴾ أي دلائل المحيط بصفات الكمال التي لا شيء أجلى ولا أظهر ولا أوضح منها.