ولما كان التقدير : فإنهم ظلمة لا يضعون شيئاً في موضعه، ومن ابتعهم فهو منهم قال تعالى عاطفاً عليه :﴿وإن﴾ وكان الأصل : وإنهم ولكنه أظهر للاعلام بوصفهم فقال :﴿الظالمين﴾ أي العريقين في هذا الوصف الذميم ﴿بعضهم أولياء بعض﴾ فلا ولاية - أي قرب - بينهم وبين الحكيم أصلاً لتباعد ما بين الوصفين فكانت أعمالهم كلها باطلة لبنائها على غير أساس خلافاً لمن يظن بها غير ذلك تقيداً بالأمور الظاهرة في هذه الدار ﴿والله﴾ أي الذي له جميع صفات الجلال والجمال والعز والكمال ﴿ولي المتقين *﴾ الين همهم الأعظم الاتصاف بالحكمة باتخاذ الوقايات المنجية لهم من سخط الله ولا ولاية بينه وبين الظالمين.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٩٨
ولما أوصل سبحانه إلى هذا الحد من البيان، الفائت لقوى الإنسان، قال مترجماً عنه :﴿هذا﴾ أي الوحي المنزل.
ولما كان في عظم بيانه وإزالة اللبس عن كل ملبس دق أو جل بحيث لا يلحقه شيء من خفاء، جعله نفس البصيرة، مجموعة جمع كثرة بصيغة منتهى الجموع كما جعله روحاً فقال :﴿بصائر للناس﴾ أي الذين هم في أدنى المراتب، يبصرهم بما يرضهم وما ينفعهم، فما ظنك بمن فوقهم من الذين آمنوا ثم الذين يؤمنون ومن فوقهم.
ولما بين ما هو لأهل السفول، بين ما هو لأهل العلو فقال تعالى :﴿وهدى﴾ أي قائد إلى كل خير، مانع من كل زيغ ﴿ورحمة﴾ أي كرامة وفوز ونعمة ﴿لقوم يوقنون *﴾ أي ناس فيهم قوة القيام بالوصول إلى العلم الثابت وتجديد الترقي في درجاته إلى ما لا نهاية له أبداً.


الصفحة التالية
Icon