جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٧
ولما صرح بالمطلين حسب ما اقتضاه الحال كما تقدم، وأشار إلى المحقين،
١٠٨
صرح بما لوح إيه من أمر المحقين وعطف عليهم أضدادهم، فقال بادئاً بهم على طريق النشر المشوش مفصلاً :﴿فأما الذين آمنوا﴾ أي من الأمم الجاثية ﴿وعملوا﴾ تصديقاً لدعواهم الإيمان ﴿الصالحات فيدخلهم﴾ أي في ذلك اليوم الذي ذكرنا عظمته وشدة هوله ﴿ربهم﴾ الذي أحسن إليهم بالتوفيق بالأعمال الصالحة المرضية الموصلة ﴿في رحمته﴾ أي تقريبه وإكرامه بجليل الثواب وحسن المآب، وتقول لهم الملائكة تشريفاً : سلام عليكم أيها المؤمنون، ودل على عظيم الرحمة بقوله :﴿ذلك﴾ الإحسان العالي المنزلة ﴿هو﴾ أي لا غيره ﴿الفوز﴾.
ولما كان السياق لغباوتهم وخفاء الأشياء عليهم قال تعالى :﴿المبين *﴾ الذي لا يخفى على أحد شيء من أمره، لأنه لا يشوبه كدر أصلاً ولا نقص، بخلاف ما كان من أسبابه في الدنيا، فإنها - مع كونها كانت فوزاً - كانت خفية جداً على غير الموقنين ﴿وأما الذين كفروا﴾ أي ستروا ما جلته لهم مرائي عقولهم وفطرهم الأولى من الحق الذي أمر الله به ولو عملوا جميع الصالحات غير الإيمان، فيدخلهم الملك الأعظم في لعنته.
ولما كان هذا الستر سبباً واضحاً في تبكيتهم قال :﴿أفلم﴾ أي فيقال لهم : ألم يأتكم رسلي، وأخلق لكم عقولاً تدلكم على الصواب من التفكر في الآيات المرئية من المعجزات التي يأتوكم بها وأنزل عليكم بواسطتهم آيات مسموعة فلم ﴿تكن آياتي﴾ على ما لها من عظمة الإضافة إليّ وعظمة الإتيان إليكم على ألسنة رسلي الذين هم أشرف خلقي.


الصفحة التالية
Icon