ولما كانت هذه الآيات توجب الإيمان لما لها من العظمة بمجرد تلاوتها، بني للمعفول قوله :﴿تتلى﴾ أي تواصل قراءتها من أيّ تال كان، فكيف إذا كانت بواسطة الرسل، تلاوة مستعلية ﴿عليكم﴾ لا تقدرون على رفع شيء منها بشيء يرضاه منصف ﴿فاستكبرتم﴾ أي فتسبب عن تلاوتها التي من شأنها إيراث الخشوع والإخبات والخضوع أن طلبتم الكبر لأنفسكم وأوجدتموه على رسلي وآياتي ﴿وكنتم﴾ خلقاً لازماً ﴿قوماً﴾ أي ذوي قيام وقدرة على ما تحاولونه ﴿مجرمين *﴾ أي عريقين في قطع ما يستحق الوصل، وذلك هو الخسران المبين، والآية من الاحتباك : ذكر الإدخال في الرحمة أولاً دليلاً على الإدخال في اللغنة ثانياً، وذكر التبكيت ثانياً دليلاً على التشريف أولاً، وسره أن ما ذكره أدل على شرف الولي وحقارة العدو ﴿وإذا﴾ أي وكنتم إذا ﴿قيل﴾ من أيّ قائل كان ولو على سبيل التأكيد :﴿إن وعد الله﴾ الذي كل أحد يعلم أنه محيط بصفات الكمال ﴿حق﴾ أي ثابت لا محيد عنه يطابقه الواقع من البعث وغيره لأن أقل الملوك لا يرضى بأن يخلف وعده فكيف به سبحانه وتعالى فكيف إذا كان الإخلاف
١٠٩
فيه مناقضاً للحكمة ﴿والساعة﴾ التي هي مما وعد به وهي محط الحكمة فهي أعظم ما تعلق به الوعد ﴿لا ريب فيها﴾ بوجه من الوجوه لأنها محل إظهار الملك لما له من الجلال والجمال أتم إظهار ﴿قلتم﴾ راضين لأنفسكم بحضيض الجهل :﴿ما ندري﴾ أي الآن دراية علم ولو بذلنا جهدنا في محاولة الوصول إليه ﴿ما الساعة﴾ أي نعرف حقيقتها فضلاً عما تخبروننا به من أحوالها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٠٧