﴿إلا بالحق﴾ أي الأمر الثابت من القدرة التامة والتصرف المطلق، فخلق الباطل بالحق لأنه تصرف في ملكه الذي لا شائبة لغيره فيه للابتلاء والاختبار للمجازاة بالعدل والمن بالفضل إلى غير ذلك من الحكم التي لا يعلمها سواه، وفي خلق ذلك على هذا الوجه أعظم دلالة على وجود الحق سبحانه، وأنه واحد لا شريك له، ودل على قهره بقوله :﴿وأجل مسمى﴾ أي لبعث الناس إلى دار القرار لفصل أهل الجنة من أهل النار، وفناء الخافقين وما نشأ عنهما من الليل والنهار.
ولما كان التقدير : وأمرنا الناس بالعمل في ذلك الأجل بطاعتنا ووعدناهم عليها جنان النعيم، فالذين آمنوا على ما أنذروا مقبلون، ومن غوائله مشفقون، فهم بطاعتنا عاملون، عطف عليه من السياق له من قوله :﴿والذين كفروا﴾ أي ستروا من أعلام الدلائل ما لو خلوا أنفسهم وما فطرناها عليه لعلموه فهم لذلك ﴿عما أنذروا﴾
١١٥
ممن هم عارفون بأن إنذاره لا يتخلف ﴿معرضون *﴾ ومن غوائله آمنون، فهم بما يغضبنا فاعلون، شهدت عندهم شواهد الوجود فما سمعوا لها ولا أصغوا إليها وأنذرتهم الرسل والكتب من عند الله فأعرضوا عنها واشمأزوا منها.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٤


الصفحة التالية
Icon