ولما كان من لا يستجيب قد يكون له علم بطاعة الإنسان له ترجى معه إجابته يوماً ما، فنى ذلك بقوله زيادة في عيبهم في دعاء ما لا رجاء في نفعه :﴿وهم عن دعائهم﴾ أي دعاء المشركين إياهم ﴿غافلون *﴾ أي لهم هذا الوصف ثابت لا يفكون عنه، لا يعلمون من يدعوهم ولا من لا يدعوهم، وعبر بالغفلة التي هي من أوصاف العقلاء للجماد تغليباً إن كان المراد أعم من الأصنام وغيرها ممن عبدوه من عقلاء الإنس والجن وغيرهم واتصافاً إن كان المراد الأصنام خاصة، أو تهكماً كأنه قيل : هم علماء فإنكم أجل مقاماً من أن تعبدوا ما لا يعقل، وإنما عدم استجابتهم لكم دائماً غفلة دائمة كما تقول لمن كتب كتاباً كله فاسد : أنت عالم لكنك كنت ناعساً.
ونحو هذا.
ولما غيى سبحانه بيوم القيامة فأفهم أنهم يستجيبون لهم فيه، بين ما يحاورونهم به إذ ذاك فقال :﴿وإذا حشر﴾ أي جمع بكره على أيسر وجه وأسهل أمر ﴿الناس﴾ أي كل من يصح منه الّنوس - أي التحرك - يوم القيامة ﴿كانوا﴾ أي المدعوون ﴿لهم﴾ أي للداعين ﴿أعداء﴾ ويعطيهم الله قوة الكلام فيخاطبونهم بكل ما يخاطب به العدو عدوه ﴿وكانوا﴾ أي المعبودون ﴿بعبادتهم﴾ أي الداعين، وهم المشركون - إياهم ﴿كافرين *﴾
١١٨
لأنهم كانوا عنها غافلين كما قال سبحانه وتعالى في سورة يونس عليه الصلاة والسلام ﴿وقال شركاؤوهم ما كنتم إيانا تعبدون﴾ [يونس : ٢٨].
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١١٦