ولما أخبر عما قالوا حين سبقهم غيرهم، أخبر عما يقولون عند تعمد الإعراض عنه فقال :﴿وإذ﴾ أى وحين ﴿لم يهتدوا به﴾ يقولون عناداً وتكبراً : لو كان هدى لأبصرناه ولم يعلموا أنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور.
ولما أخبر عما قالوا حين سبقهم غيرهم، أخبر عما يقولون عند تعمد الإعراض ولما كان التقدير : فإن قيل لهم : فما هو ؟ أجابه بقوله مسبباً عن هذا المقدر علماً من أعلام النبوة :﴿فسيقولون﴾ بوعد لا خلف فيه لأن الناس أعداء ما جهلوا ولأنهم لم يجدوا على ما يدعونه من أنه لو كان خيراً لسبقوا غيرهم إليه دليلاً :﴿هذا﴾ أي الذي سبقتم إليه ﴿إفك﴾ أي شيء مصروف عن وجهه إلى قفاه ﴿قديم *﴾ أفكه غيره وعثر هو عليه فأتى به ونسبه إلى الله.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٢٢
ولما كان هذا الكلام ساقطاً في نفسه لما قام من الأدلة الباهرة على صدق القرآن وكان الوقوف مع المحسوسات غالباً عليهم لعدم نفوذهم في المعقولات، دل على بطلانه لموافقة القرآن لأعظم الكتاب القديمة التوراة التي اشتهر أنها من عند الله وأن الآتي بها كلم وقد صدقه الله في الإتيان بها بما لم يأت به قبله من المعجزات والآيات البينات وهم يستفتون أهلها، فقال على وجه التبكيت لهم والتوبيخ :﴿ومن﴾ أي قالوا ذلك والحال أنه كان في بعض الزمن الذي من ﴿قبله﴾ أي القرآن العظيم الذي حرموا تدبر آياته وحل مشكلاته وأعجزهم فصاحته ﴿كتاب موسى﴾ كلم الله وصفوته عليه الصلاة والسام وهو التوراة التي كلمه الله بها تكليماً حال كون كتابه ﴿إماماً﴾ أي يستحق أن يؤمه كل من سمع به في أصول الدين مطلقاً وفي جميع ما فيه قبل تحريفه
١٢٤


الصفحة التالية
Icon