ونسخه وتبديله ﴿ورحمة﴾ لما فيه من نعمة الدلالة على الله والبيان الشافي فهبهم طعنوا في هذ االقرآن وهم لا يقدرون على الطعن في كتاب موسى الذي قد سلموا لأهله أنهم أهل العلم وجعلوهم حكماء يرضون بقولهم في هذا النبي الكريم، وكتابهم مصادق لكتابهم فقد صروا بذلك مصدقين بما كذبوا به، ولذلك قال الله تعالى :﴿وهذا﴾ أي القرآن المبين المبيّن ﴿كتاب﴾ أي جامع لجميع الخيرات.
ولما أريد تعميم التصديق بجميع الكتب الإلهية والحقوق الشرعية، حذف المتعلق فقال :﴿مصدق﴾ أي لكتاب موسى عليه الصلاة والسلام وغيره من الكتب التي تصح نسبتها إلى الله تعالى فإن جميع الكتب التي جاءةت به الرسل ناطقة بتوحد الله وأن هذا الكتاب لميخرج عن هذا فأنّى يضح فيهما هذا شأنه أن يكون إفكاً، إنما الإفك ما كذب كتب الله التي أتت بها أنبياؤه وتواثها أولياؤه.
ولما كان الكتاب قد تقوم الأدلة على مصادقته لكتب الله ويكون بغير لسان المكذب به فيكون في التكذيب أقل ملامة، احترز عن ذلك بقوله :﴿لساناً﴾ أي أشير إلى هذا المصدق القريب منكم زماناً ومكاناً وفهماً حال كونه ﴿عربياً﴾ في أعلى طبقات اللسان العربي مع كونه أٍهل الكتب تناولاً وأبعدها عن الكليف، ليس هو بحيث يمنعه علوه بفخامة الألفاظ وجلالة المعاني وعلو النظم ورصافة السبك ووجازة العبارة، وظهور المهاني ودقة الإشارة مع سوهلة الفهم وقرب المتناول بعد بعد المغزى.