ولما كان ما ذكر من البعد من الإيمان معتصريف العظات والعبر والآيات يكاد أن يؤنس السامع من إيمان هؤلاء المدعوين، قربه دلالة على عزته وحكمته بالتذكير بالإيمان من هم أعلى منهم عتواً وأشد نفرة وأبعد إجابة وأخفى شخصاً، فقال جواباً عما وقع له ﷺ في عرض نفسه الشريفة على القبائل وإبعادهم عنه لا سيما أهل الطائف، دالاً على تمام القدرة بشارة للمنزل عليه ﷺ وتوبيخاً لما تأخر عن إجابته من قومه عاطفاً على ما تقدره : اذكر هذه الأخبار :﴿وإذ﴾ أي واذكر حين ﴿صرفنا إليك﴾ أي وجهنا توجيهاً خالصاً حسناً متقناً فيه ميل إليك وإقبال عليك، وإعراض عن غيرك، بوادي نخلة عند انصرافك من الطائف حين عرضت نفسك الشريفة عليهم بعد موت النصيرين فردوك رداً تكاد تنشق منه المرائر، وتسل من تذكاره النواظر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣٨
ولما كان استعطاف من جل على النفرة وإظهار من بني على الاجتنان أعظم في النعمة، عبر بما يدل على ذلك فقال :﴿نفراً﴾ وهو اسم يطلق على ما دون العشرة، وهو المراد هنا، ويطلق على الناس كلهم، وحسن التعبير به أن هؤلاء لما خصوا بشرف السبق وحسن المتابعة كانوا كأنهم هم النفر لا غيرهم ﴿من الجن﴾ من أهل نصيبين من الناحسة التي منها عداس الذي جبرناك به في الطائف بما شهد به لسيديه عتبة وشيبة ابني
١٤٠