ربيعة أنك خير أهل الأرض مع أنه ليس لهؤلاء النفر من جبلاتهم إلا لنفرة والاجتنان وهو الاختفاء والستر فعلناهم ألفين لك ظاهرين عندك لتبلغهم ما أرسلناك به فإنا أرسلناك إلى جميع الخلائق، وهذا جبر لك وبشارة بإيمان النافرين من الإنس كما أيدناك منهم بعد نفرة أهل الطائف بعداس، ثم وسفهم بقوله :﴿يستمعون القرآن﴾ أي يطلبون سماع الذكر الجامع لكل خير، الفارق بين كل ملبس وأنت في صلاة الفجر في نخلة تصلي بأصحابك، ودل على قرب زمن الصرف من زمن الحضور بتعبيره سبحانه بالفاء في قوله تعالى مفصلاً لحالهم :﴿فلما حضروه﴾ أي صاروا بحيث يسمعونه ﴿قالوا﴾ أي قال بعضهم ورضي الآخرون :﴿أنصتوا﴾ أي اسكتوا وميلوا بكلياتكم واستمعوا حفظاً للأدب على بساط الخدمة، وفيه تأدب مع العلم في تعلمه وأيضاً مع معلمه، قال القشيري : فأهل الحضور صفتهم الذبول والسكون والهيبة والوقار، والثورات والانزعاج يدل على غيبة أو قلة تيفظ ونقصان من الاطلاع، ودل على أن ما استمعوه كان يسيراً وزنه قصيراً، وعلى تفصيل حالهم بعد انقضائه بالفاء في قوله تعالى :﴿فلما﴾ أي فأنصتوا فحين ﴿قضي﴾ أي حصل الفراغ من قراءته الدالة على عظمته من أيّ قارئ كان ﴿ولوا﴾ أي أوقعوا التولية - أي القرب - بتوجيه الوجوه والهمم والعزائم ﴿إلى قومهم﴾ الذين فيهم قوة القيام بما يحاولونه، ودل على حسن تقبلهم لما سمعوه ورسوخهم في اعتقاده بقوله تعالى :﴿منذرين *﴾ أي مخوفين لهم ومحذرين عواقب الضلال بأمر من رسول الله ﷺ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : جعلهم رسول الله ﷺ رسلاً إلى قومهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٣٨
١٤١
الكامل في جميع ذلك ﴿وإلى طريق﴾ موصل إلى المقصود الأعظم وهو الإيمان بمنزله ﴿مستقيم *﴾ فهو يوصل بغاية ما يمكن من السرعة، لا يمكن أن يكون فيه عوج، فيقدر السالك فيه على أن يختصر طريقاً يكون وتراً لما تقوس منه.