ولما كان هذا الاستفهام الإنكاري في معنى النفي، أجابه بقوله تعالى ﴿بلى﴾ قد علموا أنه قادر على ذلك علماً هو في إتقانه كالرؤية بالبصر لأنهم يعلمون أنه المخترع لذلك، وأن الإعادة أهون من الابتداء في مجاري عاداتهم، ولكنهم عن ذلك، غافلون لأنهم عنه معرضون، ولما كانوا مع هذه الأدلة الواضحة التي هي أعظم من المشاهدة بالبصر ينكرون ما دلت عليه هذه الصنعة من إحاطة القدرة، علل ذلك مؤكداً له بقوله مقرراً للقدرة على وجه عام يدخل فيه البعث الذي ذكر أول السورة أنه ما خلق هذا
١٤٤
الخلق إلا لأجله ليختم بما بدأ به ﴿إنه على كل شيء﴾ أي هو أهل لأن تتعلق القدرة به ﴿قدير *﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٤٤
ولما ثبت البعث بما قام من الدلائل ذكر ببعض ما يحصل في يومه من الأهوال تحذيراً منه، فقال عاطفاً على ما تقديره : اذكر لهم هذا القياس الناطق بالمراد وما مضى في هذه السورة من الزواجر ﴿ويوم﴾ أي واذكر يوم ﴿يعرض﴾ بأيسر أمر من أوامرنا ﴿الذين كفروا﴾ أي ستروا بغفلتهم وتماديهم عليه هذه الأدلة الظاهرة ﴿على النار﴾ عرض الجند على الملك فيسمعوا من تغيظها وزفيرها ويروا من لهيبها واضطرامها وسعيرها ما لو قدر أن أحداً يموت من ذلك لماتوا من معاينته وهائل رؤيته.
ولما كان كأنه قيل : ماذا يصنع بهم في حال عرضهم ؟ قيل : يقال على سبيل التبكيت والتقريع ولتوبيخ :﴿أليس هذا﴾ أي الأمر العظيم الذي كنتم به توعدون ولرسلنا في أخبارهم تكذبون ﴿بالحق﴾ أي الأمر الثابت الذي يطابقه الواقع، فلا قدرة لكم على صليه أمر هو خيال وسحر، فلا تبالون بوروده.