ولما كان معرفة من ينذب ومن لا يذنب متوقفة على إحاطة العلم، قال عاطفاً على ما تقديره : فالله يعلم حركاتكم وسكناتكم سراً وجهراً ويعلم أنكم لا بد أن تعملوا بغسل الذنوب، بالروجع لى طاعة علام الغيوب ﴿والله﴾ المحيط بجميع صفات الكمال ﴿يعلم متقلبكم﴾ أي تقلبكم ومكانه وزمانه ﴿والله﴾ المحيط بجميع صفات وقراره للراحة وكل ما يقع فيه من الثواء في وقته - في الدنيا والآخرة من حين كونكم نطفاً إلى ما لا آخر له.
١٦٦
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٦٣
ولما كان دليل على إحاطة العلم، علم ما أبطنه الإنسان ولا سيما إن كان مخالفاً لما أظهره، قال دالاً على إحاطة علمه بإظهار أسرار المنافقين عاطفاً على ﴿ومنهم من يستمع إليك﴾ :﴿ويقول﴾ على سبيل التجيد المستمر ﴿الذين آمنوا﴾ أي ادعوا ذلك بألسنتهم وفيهم الصادق والمنافق دالين على صدقهم في إيمانهم بالتحريض على طلب الخير بتجد الوحي الذي هو الروح الحقيقي :﴿ولا نزلت﴾ على سبيل التدريج، وبناه للمفعول دالة على إظهار أنهم صاروا في صدقهم في الإيمان اعتقادهم أن التنزيل لا يكون إلا من الله بحيث لا يحتاجون إلى التصريح به ﴿سورة﴾ أي سورة كانت لنسر بسماعها نتعبد بتلاوتها ونعمل بما فيها كائناً ما كان، ويستمر الوحي فينا متجدداً مع تجدد الزمان ليكون ذلك اأنشط لنا وأدخل في تحريك عزائمنا ﴿فإذا أنزلت سورة﴾ أي قطعة من القرآن تكامل نزولها كلها تدريجاً أو جملة، وزادت على مطلوبهم بالحس بأنها ﴿محكمة﴾ أي مبينة لا يلبس شيء منها بنوع إجمال ولا ينسخ لكونه جامعاً للمحاسن في كل زمان ومكان ﴿وذكر فيها القتال﴾ بأيّ ذكر كان، والواقع أنه لا يكون إلا ذكراً مبيناً أنه لا يزداد إلا وجوباً وتأكداً حتى تضع الحرب أوزارها، قال البغوي : وكل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين.


الصفحة التالية
Icon