بل غلبوا وقهروا، ثم أيدك بأنصار أبرار أخيار فكنتم على قلتكم كالليوث الكواسر والبحار الزواخر، ما ملتم على جهة إلا غمرتموها، وفزتم بالنصف من أربابها قتلتموها أو أسرتموها ولم تزالوا تزدادون وتقوون، وهم ينقصون ويضعفون، حتى أتيتموهم في بلادهم التي هم قاطعون بأنهم ملوكها، يتعذر على غيرهم غلبهم عليها بل
١٨٤
سلوكها، فما دافعوكم عن دخول عليهم إلا بالراح، وسألوكم في وضع الحرب للدعة والإصلاح، فقد ظهرت أعلام الفتح أتم ظهور، وعلم أرباب القلوب أنه لا بد أن تكون في امتطائكم الذرى وسموكم إلى رتب المعالي وأيّ أمور، وروى الإمام أحمد عن مجمع بن جارية الأنصاري رضي الله عنه قال : شهدنا الحديبية مع النبي صلى الله عليه وسلمن فلما انصرفنا منها إذا الناس يهزون الأباعر فقال بعضهم : ما بال الناس ؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله ﷺ، قال : فخرجنا نوجف، فوجدنا النبي ﷺ واقفاً على راحلته عند كراع الغميم، فلما اجتمع عليه الناس قرأ ﴿إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً﴾ فقال عمر رضي الله عنه : أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال :"نعم، والذي نفسي بيده ".