ولما كان تمام النعمة يتحقق بشيئين : إظهار الدين والتقلة إلى مرافقة النبيين، قال تعالى مخبراً بالشيئين :﴿ويتم نعمته عليك﴾ بنقلك من عالم الشهادة إلى عالم الغيب، ومن عالم الكون والفساد إلى عالم الثبات والصلاح، الذي هو أخص بحضرته وأولى برحمته وإظهار أصحابك من بعدك على جميع أهل الملل، ويدحضون شبه الشيطان، ويدمغون كل كفران، وينشرون رايات الإيمان في جميع البلدان، بعد إذلال أهل العدوان، ومحو كل ضغيان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٨٣
ولما كانت هدايتهم من هدايته، أضافها سبحانه إليه إعلاماً له أنها هداية تليق بجانبه الشريف سروراً له فقال :﴿ويهديك﴾ أي بهداية جميع قومك ﴿صراطاً مستقيماً *﴾ أي واضحاً جليلاً جلياً موصلاً إلى المراد من كتاب لا عوج فيه بوجه، هداية تقتضي لزومه والثبات عليه ﴿وينصرك الله﴾ بنصرهم على ملوك الأمم وجلائهم
١٨٧
لسائر الغمم، نصراً يليق إسناده إلى اسمه المحيط بسائر العظم ﴿نصراً عزيزاً﴾ أي يغلب المنصور به كل من ناواه ولا يغلبه شيء مع دوامه فلا ذل بعده لأن الأمة التي تنصف به لا يظهر عليها أحد، والدين الذي قضاه لأجله لا ينسخه شيء.


الصفحة التالية
Icon