ولما كان السامع لهذا ربما ظن أن فعله ذلك باستحقاق، قال إشارة إلى أنه لا سبب إلا رحمته :﴿ويكفر﴾ أى يستر ستراً بليغاً شاملاً ﴿عنهم سيئاتهم﴾ التي ليس من الحكمة دخول الجنة دار القدس قبل تكفيرها، بسبب ما كانوا متلبسين به منها من الكفر وغيره، فكان ذلك التكفير سبباً لدخولهم الجنة ﴿وكان ذلك﴾ أي الأمر العظيم من الإدخال والتكفير المهيىء له، وقدم الظرف تعظيماً لها فقال تعالى :﴿عند الله﴾ أي الملك الأعظم ذي الجلال والإكرام ﴿فوزاً عظيماً *﴾ يملأ جميع الجهات.
ولما كان من أعظم الفوز إقرار العين بالانتقام من العدو وكان العدو المكاتم أشد من العدو المجاهر المراغم قال تعالى :﴿ويعذب المنافقين﴾ أي يزيل كل ما لهم من
١٩٠
العذوبة ﴿والمنافقات﴾ بما غاظهم من ازدياد الإيمان ﴿والمشركين والمشركات﴾ بصدهم الذي كان سبباً للمقام الدحض الذي كان سبباً لإنزال السكينة الذي كان سبباً لقوة أهل الإسلام بما تأثر عنه من كثرة الداخلين فيه، الذي كان سبباً لتدمير أهل الكفران، ثم بعد ذلك عذاب النيران.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ١٩٠
ولما أخبر بعذابهم، أتبعه وصفهم بما سبب لهم ذلك فقال تعالى :﴿الظانين بالله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال ﴿ظن السوء﴾ من أنه لا يفي بوعده في أنه ينصره رسوله ﷺ وأتباعه المؤمنين أو أنه لا يبعثهم.
أو أنه لا يعذبهم لمخالفة رسوله صلى الله عليه وسلم.
ومشاققة أتباعه.