سورة الزخرف
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣
مقصدوها البشارة بإعلاء هذه الأمة بالعقل والحكمة حتى يكونوا أعلى الأمم في العلم وما ينشأ عنه شأناً لأن هدايتهم بأمر لدني هو من أغرب الغريب الذي هو للخواص، فهو في الرتبة الثانية من الغرابة وأن ذلك أمر لا بد لهم منه وإن اشتدت نفرتهم منه وإعراضهم عنهوأنه لذكر لك ولقومك حتى تكونوا أهلاً للجنة وفيه ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون، ولم يقل : وهم، وعلى ذلك دلت تسميتها بالزخرف لما في آيتها من أنه لو أراد أن يعم الكفر جميع الناس لعمهم بسبوغ النعم، ولكنه لم يعمهم بذلك، بل فاوت بينهم فأفقر بعضهم وأكثر بؤسهم وضرهم وفرق أمرهم، ليسهل ردهم عن الكفر الذي أدتهم إليه طبائعهم وحظوظهم ونقائصهم بما يشهدون من قباحة الظلم والعدوان إلى ما يرونه من محاسن الدين والإيمان، ولذة الخضوع للملك الديان، فتخضع لهم الملوك والأعيان، ويصير لهم الفرقان على جميع أهل العصيان ﴿بسم الله﴾ الذي له مقاليد الأمور كلها فهو يعلي من شاء وإن طال سفوله ﴿الرحمن﴾ الذي نال بره جميع خلقه على حسب منازلهم عنده ﴿الرحيم﴾ الذي يقبل بمن شاء إلى ما يقربه لديه زلفى وإن وصل في البعد إلى الحد الأقصى ﴿حم﴾ حكمة محمد التي أوحاها الله إليه.
ولما قدمن آخر تلك أنه جعل ما أوحي إليه ﷺ نوراً يهدي به من يشاء، وكان قد تقرر في السورة الماضية ما له من الجلالة بأناه تنزيله، وختم بأنه لا أمر يخرج عنه سبحانه
إشارة إلى أنه يردهم عن غيبهم وكانوا يمكرون أن يرجعوا، فاقتضى الحال غاية التأكيد، وكان إقسام الله تعالى بالأشياء إعلاماً بجلالة ما فيها من الحكم وتنبيهاً على النظر فيما أودعها من الأسرار التي أهلها للإقسام بها، افتتح هذه بتعظيم هذا الوحي بالإقسام به حثاً على تدبر ما فيه من الوجوه التي أوجبت أن يكون قسما ًثم تعظيم أثره.