ولما توعد المتخلفين بتخلفهم عن رسول الله ﷺ ثم توعدهم في التقاعد عن هذا الإمام القائم بعده بالحق، وكان أهل الأعذار لا يتيسر لهم ما أريد بهذا الدعاء، وكان الدين مبنياً على الحنيفية السمحة، استأنف قوله تعالى مسكناً لما اشتثاره الوعيد من روعهم :﴿ليس على الأعمى﴾ أي في تخلفه عن الدعاء إلى الخروج مع النبي ﷺ أو مع غيره من أئمة الدعاء ﴿حرج﴾ أي ميل بثقل الإثم لأجل أن عماه موهن لسعيه وجميع بطشه، ولأجل تأكيد المعنى تسكيناً لما ثار منروعة المؤمن كرر النافي والحرج في كل جملة مستقلة تأكيداً لهذا الأمر فقال :﴿ولا على الأعرج﴾ وإن كان نقصه أدنى من نقص العمى ﴿حرج﴾ وجعل كل جملة مستقلة تأكيداً لهذا الحكم.
ولما ذكر هذين الأثرين الخاصين المزيد ضررهما في العاقة عن كمال الجهاد، عم بقوله :﴿ولا على المريض﴾ أي بأيّ مرض ﴿حرج﴾ فلم يخرج أهل هذه الأعذار الذين
٢٠٢
لم يمنعهم إلا إعذارهم عن أهل الحديبية، وأطلب الحرج المنفي ليقبل التقدير بالتخلف ولا حاجة لأن حضورهم لا يخلوا عن نفع في الجهاد، وذكر هكذا دون أسلوب الاستثناء إيذاناً بأنهم لم يدخلوا في الوعيد أصلاً حتى يخرجوا منه.