ولما بشر المطيعين لتلك الدعوة وتوعد القاعدين عنها وعذر المعذورين، وكانت إجابة المعذورين جائزة، بل أرفع من قعودهم، ولذلك لم ينف إجابتهم إنما نفى الحرج، قال معمماً عاطفاً على ما تقديره : فمن تخلف منهم فتخلفه مباح له :﴿ومن يطع الله﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال المفيض من آثار صفاته على من يشاء ولو كان ضعيفاً، المانع منها من يشاء وإن كان قوياً ﴿ورسوله﴾ من المعذورين وغيرهم فيما ندبا إليه من أي طاعة كانت إجابته ﴿يدخله﴾ أي الله الملك الأعظم جزاء له ﴿جنات تجري﴾ ونبه على قرب منال الماء بإثبات الجار في قوله :﴿من تحتها الأنهار﴾ أي ففي أي موضع أردت أجريت نهراً ﴿ومن يتول﴾ أي كائناً من كان من المخاطبين الآن وغيرهم، عن طاعة من الطاعات التي أمرا بها من أي طاعة كانت ﴿يعذبه﴾ أي على توليه في الدارين أو إحداهما ﴿عذاباً أليماً *﴾ وقراءة أهل المدينة والشام ﴿ندخله ونعذبه﴾ بالنون أظهر في أرداة العظمة لأجل تعظيم النعمة والنقمة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠١
ولما وعد المطيع وأوعد العاصي، وكانت النفوس إلى الوعد أشد التفاتاً، دل عليه بثواب عظيم منه أمر محسوس يعظم جذبه للنفوس القاصرة عن النفوذ في العالم الغيب، فقال مؤكداً لأن أعظم المراد به المذبذبون، مفتتحاً بقد لأن السياق موجب للتوقع لما جرى من السنة الإلهية أنها إذا شوقت إلى شيء دلت عليه بمشهود يقرب الغائب الموعود :﴿لقد رضي الله﴾ أي الذي له الجلال والجمال ﴿عن المؤمنين﴾ أي الراسخين في الإيمان، أي فعل معهم فعل الراضي بما جعل لهم من الفتح وما قدر له من الثواب، وأفهم ذلك أنه لم يرض عن الكافرين فخذلهم في الدنيا مع ما وعد لهم في الآخرة، فالآيات تقرير لما ذكر من جزاء الفريقين بأمور مشاهدة.
ولما ذكر الرضى، ذكر وقته للدلالة على سببه فقال :﴿إذ﴾ أي حين، وصور
٢٠٣