ولما كان التقدير : فلولا ما أشار إليه من ربط المسببات بأسبابها لسلطكم عليهم فغلبتموهم على المسجد وأتممتم عمرتكم على ما أردتم، ثم عطف عليه أمراً أخص منه فقال :﴿ولولا رجال﴾ أي مقيمون بين أظهر الكفار بمكة ﴿مؤمنون﴾ أي عريقون في الإيمان فكانوا لذلك أهلاً للوصف بالرجولية ﴿ونساء مؤمنات﴾ أي كذلك حبس الكل عن الهجرة العذر لأن الكفار لكثرتهم استضعفوهم فمنعوهم الهجرة، على أن ذلك شامل لمن جبله اللهعلى الخير وعلم منه الإيمان وإن كان في ذلك الوقت مشركاً ﴿لم تعلموهم﴾ أي لم يحط علمكم بهم من جميع الوجوه لتميزوهم بأعيانهم عن المشركين لأنهم ليس لهم قوة التمييز زمنهم بأنفسهم وأنتم لا تعرفون أماكنهم لتعاملوهم بما هم له أهل ولا سيما في حال الحرب والطعن والضرب، ثم أبدل من " الرجال والنساء " قوله :﴿أن تطؤهم﴾ أي تؤذوهم بالقتل أو ما يقاربه من الجراح والضرب والنهب ونحوه من الوطء الذي هو الإيقاع بالحرب منه قوله ﷺ "آخر وطأة وطئها الله بوج" يكون ذلك
٢٠٩
الأذى منكم لهم على ظن أنهم مشركون أذى الدائس لمدوس وتضغطوهم وتأخذوهم أخذاً شديداً بقهر وغلبة تصيرون به لا تردون يد لامس ولا تقدرون على مدافعة ﴿فتصيبكم﴾ أي فيتسبب عن هذا الوطء أن يصيبكم ﴿منهم﴾ أي من جهتهم وبسببهم ﴿معرة﴾ أي مكروه وأذى هو كالحرب في انتشاره وأذاه، وإثم وخيانة بقتال دون إذن خاص، وبعدم الإمعانن في البحث، وغرم وكفارة ودية وتأسف وتعيير ممن لا علم له، ثم علق بالوطء المسبب عنه إًابة المعرة إتماماً للمعنى قوله :﴿بغير علم﴾ أي بأنهم من المؤمنين.