ولما دل السياق على أن جواب " لولا " محذوف تقديره : لسلطكم عليهم وما كف أيديكم عنهم، ولكنه علم ذلك، وعلم أنه سيؤمن ناس من المشركين فمن عليكم بأن رفع حرج إصابتهم بغير علم عنكم، وسبب لكم أسباب الفتح الذي كان يتوقع بسبب تسليطكم عليهم بأمر سهل، وكف أيديكم ولم يسلطكم عليه ﴿ليدخل الله﴾ أي الذي له جميع صفات الكمال ﴿في رحمته﴾ أي إكرامه وإنعامه ﴿من يشاء﴾ من المشركين بأن يعطفهم إلى الإسلام، ومن المؤمنين بأن يستنقذهم منه على أرفق وجه، ولما كان ذلك، أنتج قوله تعالى :﴿لو تزيلوا﴾ أي تفرقوا فزال أحد الفريقين عن الآخر زوالاً عظيماً يحث لا يختلط صنف بغيره فيؤمن وطء المؤمنين له بغير علم ﴿لعذبنا﴾ أي بأيديكم بتسليطنا أبو بمجرد أيدنا من غير واسطة ﴿الذين كفروا﴾ أي أوقعوا ستر الإيمان.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٦
ولما كان هذا عاماً لجميع من اتصف بالكفر من أهل الأرض، صرح بما دل عليه السياق فقال :﴿منهم﴾ أي الفريقين وهم الصادون ﴿عذاباً أليماً *﴾ أي شديد الإيجاع بأيديكم أو من عندنا لنوصلكم إلى قصدكم من الاعتمار والظهر على الكفار، ففيه اتعذار وتدريب على تأدب بعضهم مع بعض، وفي الإشارة إلى بين سر من أسرار منع الله تعالى لهم من التسليط عليهم حث للعبد على أن لا يتهم الله في قضائه فربما عسر عليه أمراً يظهر له أن السعادة كانت فيه وفي باطنه سم قاتل، فيكون منع الله له منه رحمة في الباطن وإن كان ننقمة في الظاهر، فألزم التسليم مع الاجتهاد في الخير والحرص عليه والندم على فواته وإياك والاعتراض، وفي الآية أيضاً أن الله تعالى قد يدفع عن الكافر لأجل المؤمن.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٠٦