ولما كان الدخول حال الأمن لا يستزلم الأمن بعده قال تعالى :﴿لا تخافون﴾ أي لا يتجدد لكم خوف بعد ذلك إلى أن تدخلوا عليهم عام الفتح قاهرين لهم بالنصر، ولما كان من المعلوم أن سبب هذا الإخبار إحاطة العلم، فكان التقدير، هذا أمر حق يوثق غاية الوثوق لأنه إخبار عالم الغيب والشهادة، صدق سبحانه فيه، وما ركم عنه هذه الكرة على هذا الوجه إلا لأمور دبرها وشؤون أحكمها وقدرتها، قال عاطفاً على ﴿صدق﴾ مسبباً عنه أو معللاً :﴿فعلم﴾ أي بسبب، أو لأنه علم من أسباب الفتح وموانعه وبنائه على الحكمة ﴿ما لم تعلموا﴾ أي أيها الأولياء ﴿فجعل﴾ أي بسب إحاطة علمه ﴿من دون﴾ أي أدنى رتبة من ﴿ذلك﴾ أي الدخول العظيم في هذا العام ﴿فتحاً قريباً *﴾ يقويكم به من فتح خيبر ووضع الحرب بين العرب بهذا الصلح، واختلاط بعض الناس بسبب ذلك ببعض، الموجب لإسلام بشر كثير تتقوون بهم، فتكون تلك الكثرة والقوة سبب هيبة الكفار المانعة لهم من القتال، فتقل القتلى رفقاً بأهل حرم الله تعالى إكراماً لهذا النبي الكريم ﷺ عن إغارة وإصابة من عنده من المسلمين المستضعفين من غير علم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢١٠
ولما أخبر بهذه الأمور الجليلة الدقيقة المبنية على إحاطة العلم، عللها سبحانه وبين الصدق فيها بقوله تعالى :﴿هو﴾ أي وحده ﴿الذي أرسل رسوله﴾ أي الذي لا رسول أحق منه بإضافته إليه - ﷺ ﴿بالهدى﴾ الكامل الذي يقتضي أن يستقيم به أكثر الناس، ولو أنه أخبر بشيء يكون فيه أدنى مقال لم يكن الإرسال بالهدى ﴿ودين الحق﴾
٢١٣