ولما كان التقدير : فاتركوه بسبب كراهتهم لما صورته، عطف عليه ما دل على العلة العظمى وهي خوف الله تعالى فقال :﴿واتقوا الله﴾ أي اجعلوا بينكم وبين الملك الأعظم وقاية بترك ذلك وإصلاح ذات البين.
ولما كان التقدير : فإن الله يتوب عليكم إن تركتموه، علله بما دل على أن ذلك صفة له متكررة التعلق فقال :﴿إن الله﴾ أي الملك الأعظم ﴿تواب﴾ أي مكرر للتوبة، وهي الرجوع عن المعصية إلى ما كان قبلها من معاملة التائب وإن كرر الذنب، فلا ييأس أحد وإن كثرت ذنوبه وعظمت ﴿رحيم *﴾ يزيده على ذلك أن يكرمه غاية الإكرام.
٢٣٥
ولما ذكر سبحانه الأخوة الدينية تذكيراً بالعاطف الموجب للإكرام، المانع من الانتقام، ونهى عن أمور يجر إليها الإعجاب بالنفس من جهة التعظيم بالآباء والعراقة في النسب العالي، أسقط ذلك مبيناً أن لا نسب إلا ما يثمره الإيمان الي بدأ به من التقوى، وعبر بما يدل على الذبذبة والاضطراب إشارة إلى سفول رتبة من افتخر بالنسب، وإلى أن من لم يتعظ بما مضى فيعلو عن رتبة الذين آمنوا فقد سفل سفولاً عظيماً :﴿يا أيها الناس﴾ أي كافة المؤمن وغيره ﴿إنا﴾ على عظمتنا وقدرتنا ﴿خلقناكم﴾ أي أوجدناكم عن العدم على ما أنتم عليه من المقادير في صوركم وما أنتم عليه من التشعب الذي يفوت الحصر، وأخرجنا كل واحد منكم ﴿من ذكر﴾ هو المقصود بالعزم والقوة ﴿وأنثى﴾ هي موضع العضف والراحة، لا مزية لأحد منكم في ذلك على آخر، ولا فخر في نسب.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٣٤