﴿ولما يدخل﴾ أي إلى هذا الوقت ﴿الإيمان﴾ أي المعرفة التامة ﴿في قلوبكم﴾ فلا يعد إقرار اللسان إيماناً إلا بمواطأة القلب، فعصيتم الله ورسوله ﷺ وأحبطتم أعمالكم، والتعبير بـ " لما " يفهم أنهم آمنوا بعد ذلك، ويجوز أن يكون المراد بهذا النفي نفي التمكن في القلب، لا نفي مطلق الدخول بدليل ﴿إنما المؤمنون﴾ دون ﴿إنما الذين آمنوا﴾.
ولما كان التقدير : فإن تؤمنوا يعلم الله ذلك من قلوبكم غنياً عن قولكم، عطف عليه قوله ترغيباً لهم في التوبة :﴿وإن تطيعوا الله﴾ أي الملك الذي من خالفه لم يأمن عقوبته ﴿ورسوله﴾ الذي طاعته من طاعته على ما أنم عليه من الأمر الظاهري فتؤمن قلوبكم ﴿لا يلتكم﴾ أي ينقصكم ويبخسكم من لاته يليته، وهي لغة أهل الحجاز، وقرأ البصريان : يألتكم من الألت وهو النقص أيضاً، وهي لغة أسد وغطفان، وهما
٢٣٨
المخاطبون بهذه الآية المعاتبون بها، قال أبو حيان : قال مجاهد : نزلت في بني أسد بن خزيمة - انتهى.
فلذلك اختار أبو عمرو القراءة بها، وعدل عن لغة الحجاز ﴿من أعمالكم شيئاً﴾ فلا حاجة إلى إخباركم عن إيمانكم بغير ما يدل عليه من الأقوال والأفعال، قال ابن برجان : فعموم الناس وأكثر أهل الغفلة مسلمون غير مؤمنين، فإن يعلموا علم ما شهدوا وعقدوا عليه عقداً علماً ويقيناً لهم المؤمنون.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٣٤
وفي الآية احتباك من وجه آخر : ذكر عدم الإيمان أولاً دليلاً على إثباته ثانياً، وذكر توفير الأعمال ثانياً دليلاً على بخسها أو إحباطها أولاً، وسره أنه نفى أساس الخير أولاً ورغب في الطاعة بحفظ ما تعبوا عليه من الأعما ثانياً.