ولما كان أمرها عجباً، فهو أهل لأن يسأل عن كيفيته دل عليه بأداة الاستفهام فقال :﴿كيف بنيناها﴾ أي أوجدناها على ما لنا من المجد والعزة مبنية كالخيمة إلا أنها من غير عمد ﴿وزينها﴾ أي بما فيها من الكواكب الصغار والكبار السيارة والثابتة ﴿وما﴾ أي الحال أنه ما ﴿لها﴾ وأكد النفي بقوله :﴿من فروج *﴾ أي فتوق وطاقات وشقوق، بل هي ملساء متلاصقة الأجزاء، فإن كانت هذه الزينة من تحتها فالذي أوقع ذلك على هذا الإحكام الذي يشاهدونه بما فيه من المنافع والستر الذي لا يختل على مر الجديدين، فهو من القدرة بحيث لا يعجزه شيء، وإن كانت الزينة من فوقها فكذلك، وإن كان بعضها من فوق وبعضها من تحت فالأمر عظيم، وهذا يدل على أن المساء كرة مجوفة الوسط مقببة كالبيضة، فإن نفي الفورج فيها على هذا الوجه المؤكد يدل على ذلك دلالة ظاهرة، وأفرد السماء ولم يجمع لأن بناءها على ما ذكر وإن كانت واحدة يدل على كمال القدرة، فإن البناء المجوف لا يمكن بانيه إكمال بنائه من غير أن يكون له فروج، وإن اختل ذلك كان موضع الوصل ظاهراً للرائين ما فيه من فتور وشقوق وقصور وما يشبه ذاك، ولم يمكنه مع ذلك الخروج منه، إن كان داخله فلم يقدر على حفظ خارجه، وإن كان خارجه لم يتمكن من حفظ داخله، وهذا الكون محفوظ من ظاهره وباطنه، فعلم أن صانعه منزه عن الاتصاف بما تحيط به العقول بكونه داخل العلم أو ظهير أو معين، وجمع الفرج للدلالة على إرادة الجنس بالسماء بعد ما أفاده إفراد لفظها، فيدل الجمع مع إرادة الجنس على التوزيع، مع الإفهام إل أن الباني لو احتاج في هذا الخلق الواسع الأطراف المتباعد الأكناف إلى فرج واحد لاحتاج إلى فروج كثيرة.
٢٤٩