ولما كان الماء سبباً في تكون الأشياءن وكان ذلك سبباً في انعقاده حتى يصير خشباً وحباً وعنباً، وغير ذلك عجباً، قال :﴿فأنبتنا﴾ معبراً بنون العظمة ﴿به جنات﴾ من الثمر والشجر والزرع وغيره مما تجمعه البساتين فتجنّ - أي تستر - الداخل فيها.
ولما كان القصب الذي يحصد فيكون حبه قوتاً للحيوان وساقه للبهائم، خصه بقوله :﴿وحب الحصيد﴾ أي النجم الذي من شأنه أن يحصد من البر والشعير ونحوهما، وأومأ بالتقييد إلى أن هذه الحبوب أشرف من حب اللآلىء الذي ينبته الله نم المطر لأنها لقيام النبتة ؟ وتلك للزينة، ولما كان النخل من أعجبه ما يتكون منه مع ما له من المنافع التي لا يساويه فيها شجر، والطباق للرزع بالطول والقصر والاتساق بالاقتيات للآدميين والبهائم، قال :﴿والنخل باسقات﴾ أي عاليات طويلاً على جميع الأشجار المثمرة ذوات أثمار طيبة ﴿لها﴾ مع يبس ساقها ﴿طلع نضيد *﴾ أي مصفوف متراكم بعضه فوق بعض، وهو حشو طلعه، والطلع ذلك الخارج من أعلى النخلة كأنه فعلان مطبقان، والحمل النضيد بينهما، والطرف محدد، أو الطلع ما يبدو من ثمر النخل أول ظهورها، وذلك القشر يسمى الكفرى لتعطيته إياه على أحكم مما يكون وأوثق، والطلع يشبه ما للناقة المبسق من اللبا المتكون في ضرعها قبل النتاج، ثم يصير بعد اتحاده في البياض وهو كلع إلى الافتراق حال الينوع إلى أحمر وأصفر وأخضر وغير ذلك من الألوان الغريبة، والأوصاف العجيبة، وهي محيطة المنافع بالتفكه على عدة أنواع والاقتيات وغير ذلك، وطلعها مخالف لعادة أكثر الأشجار فإن ثمارها مفردة، كل حبة منفردة عن أختها.
٢٥١
ولما ذكر سبحانه بعض ما له في الماء من العظمة، ذكر له علة هي غاية في المنة على الخلق فقال :﴿رزقاً للعباد﴾ أي أنبتنا به ذلك لأجل أنه بعض ما جعلناه رزقهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٠


الصفحة التالية
Icon