ولما كانت آية قوم صالح من أعظم الدلالات على القدرة على البعث، وكان إهلاكهم مناسباً لإهلاك من قبلهم، أما لأصحاب الرس فكان بارجفة التي هي على مبدأ الخسف، وأما لقوم نوح فلأن الرجفة تأثرت عن الصيحة التي حملتها الريح التي من شأنها حمل السحاب الحامل للماء، أتبعهم بهم، وكانوا أصحاب بئر ولم يخسف بهم فقال :﴿وثمود *﴾ ولما اتفق قوم هود عليه السلام والقبط بالإهلاك بالريح التي أثرت بها صيحة ثمود، أولئك مع الحجارة والرمل وهؤلاء بالماء الذي فرقه الله بالريح عند ضرب العصي، وكان لكل منهما من ضخامة الملك وعز السلطان ما هو مشهور قدم أشدهما أبداناً وأوسعهما ملكاً لأن إهلاكهم كان أدل دليل على القدرة وأقرب شبهاً بهلاك ثمود فقال :﴿وعاد﴾ وعطف عليه أقرب الطائفتين شبهاً بالهلاك بقوم نوح وأصحاب الرس فقال :﴿وفرعون﴾ نص عليه لأنه ليس في مادة هذا الغرق كافره غيره، والنص عليه يفهم غيره، وما تقدم في غير هذه السورة غير مرة من وصفه بأنه ملك قاهر وأنه استخفهم فأطاعوه فيعلم كفرهم طاعة له، وأنه ليوافق ما قبله وما بعده.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٥٢
ولما كان السياق للعزة والشقاق، فلم يدع داع إلى إثبات ذي الأوتاد.
ولما كان هلاك المؤتفكات جامعاً في الشبهة بهلاك جميع من تقدم بالخسف وغمرة الماء بعد القلب في الهواء، أتبعهم بهم معبراً عنهم بأخصر من تسميه قبائلهم أو مدنهم لأنها عدة مدن، وعبر بالأخوة دون القوم أصهاره الذين جبرا بينهم وبينه مع المصاهرة بالمناصرة لملوكهم ورعاياهم على من ناواهم بنفسه وعمه إبراهيم عليهما السلام كما مضى بيانه في البقرة ما صار كالأخوة، ومع ذلك عاملوه بما اشتق من لفظ هذا الجمع من الجناية له والأنفسهم وغيرهم.