نقله الكرماني عن ابن الطائع والعاصي في غاية العجب، لأن الطائع ينابذ هواه فيكون ملكياً مجرداً من حظوظه ونوازع نفوسه وما بنيت عليه من النقائص والشهوات، والعاصي طوع يدي الشيطان، يصرفه في أغراضه كيف يشاء، فيطيعه بغاية الشهوة مع علمه بعداوته، وأن طاعته لا تكون إلا بمخالفة أمر الله الولي الودود، وكان العاصي أكثر كثرة يكون الطائع فيها بالنسبة إليه كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود، وكان ذلك منابذاً للعقل، أشار إلى هذه المنابذة بأداة من لا يعقل وإلى جميع ما في أمره من العجب بلدي فقال :﴿ما لدي﴾ أي الأمر الذي عندي من الأمر المستغرب جداً لكون المطيع عصاني، وهو
٢٥٨
مطبوع على النقائص والحظوظ التي يرى أنها حياته ولذته وراحته، والعاصي أعاطني وهو يعلم بعقله أني شر محض، وترك الخير المحض وهو عالم بأن في ذلك هلاكه ﴿عتيد *﴾ أي حاضر مهيأ لما يراد منه.