ولما كان الإخبار بكونها لهم وإن كان أمراً ساراً لا يتضي دخولها في ذلك الوقت، زاد سرورهم بالإذن بقوله معبراً بضمير الجميع بضمير الجميع بياناً لأن المراد من " من " جميع المتقين :﴿ادخلوها﴾ أي يقال لهم : ادخلوا الجنة.
ولما كان المراد استقبالهم بالإذاذ بالبشارة قال :﴿بسلام﴾ أي بصاحبين للسلامة من كل يمكن أن يخاف، فأنتج ذلك قوله إنهاء للسرور إلى غاية لا توصف :﴿ذلك﴾ أي اليوم العظيم جداً ﴿يوم﴾ ابتداء أو تقرير ﴿الخلود *﴾ أي الإقامة التي لا آخر لها ولا نفاذ لشيء من لذاتها أصلاً، ولذلك وصل به قوله جواباً لمن كأنه قال : على أي وجه خلودهم ؟ :﴿لهم﴾ بظواهرهم وبواطنهم ﴿ما يشؤون﴾ أي يتجدد مشيئتهم أو تمكن مشيئتهم له ﴿فيها﴾ أي الجنة ﴿ولدينا﴾ أي عندنا من الأمور التي في غاية الغرابة عندهم وإن كان كل ما عندهم مستغرباً ﴿مزيد *﴾ أي مما لا يدخل تحت أوهامهم يشاؤه، فإن سياق الامتنان يدل على أن تنوينه للتعظيم، والتعبير بلدى يؤكد ذلك تأكيداً يناسبها بأن يكونوا كل لحظة في زيادة على أمانيهم عكس ما كانوا في الدنيا، وبذلك تزداد علومهم، فمقدورات الله لا تنحصر، لأن معلوماته لا تنتهي.
ولما ذكر سبحانه أول السورة تكذيبهم بالقدرة على اعترافهم بما يكذبهم في ذلك التكذيب، ثم سلى وهدد بتكذيب الأمم السابقة، وذكر قدرته عليهم، وأتبعه الدلالة على كمال قدرته إلى أن ختم بالإشارة إلى أن قدرته لا نهاية لها، ولا تحصر بحدّ ولا تحصى بعدّ، رداً على أهل العناد وبدعة الاتحاد في قولهم " ليس في الإمكان أبدع مما كان " عطف على ما قدرته بعد ﴿فحق وعيد﴾ من إهلاك تلك الأمم مما هو أعم منه بشموله جميع الزمان الماضي وأدل على شمول القدرة، فقال :﴿وكم أهلكنا﴾ أي بما لنا من العظمة.