ولما كان في غاية الدلالة على تمام القدرة بغريق محمولها في الأراضي المجتاحة ولا سيما إن تباعدت أماكن صبه ومواطن سكبه، وكان ذلك التفريق هو غاية الجري المترتب على الحمل المترتب على الذرو، قال مسبباً معقباً مشيراً بالتفعيل، إلى غرابة فصلها لقطراتها وبداعة تفريقها لرحمتها من عذابها، وغير ذلك من أحوال الجاريات
٢٧٠
وتصريف الساريات :﴿فالمقسمات﴾ أي من السحب بما تصرفها فيه الملائكة عليهم السلام، وكذا السفن بما يصرفها الله به من الرياح اللينة أو العاصبة من سلامة وعطب وسرعة وإبطاء، وكذا غيرهما من كل أمر تصرفه الملائكة بين العباد وتقسمه.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٧٠
ولما كان المحمول مختلفاً كما تقدم، قال جامعاً لذلك :﴿أمراً *﴾ أي من الرحمة أو العذاب، قال الرازي في اللوامع : وهذه أقسام يقسم الله بها ولا يقسم بها الخلق لأن قسم الخلق استشهاد على صحة قولهم بمن يعلم السر كالعلانية وهو الله تعالى، وقسم الخالق إرادة تأكيد الخبر في نفوسهم فيقسم ببعض بدائع خلقه على وده يوجب الاعتبار ويدل على توحيده، فالرياح بهبوبها وسكونها لتأليف السحاب وتذرية الطعام واختلاف الهواء وعصوفها مرة ولينها أخرى والسحاب بنحو وقوفها مثقلات بالماء من غير عماد وصرفها في وقت الغنى عنها بما لو دامت لأهلكت، ولو انقطعت بتسخير البحر لجريانها وتقدير الريح لها بما لو زاد لغرق، ولو ركد لأهلك، والملائكة تقسم الأمور بأمر ربها، كل ذلك دليل على وجود الصانع الحكيم، والفاطر العليم، القادر الماجد الكريم.