ولما كانوا يكذبون بالوعيد، أكد الجواب بعد التأكيد بنفس القسم فقال :﴿إنما﴾ أي الذي ﴿توعدون﴾ أي من الوعد للطائع والوعيد للعاصي، وإن لم تروا أسبابه، ولما كان ما توعدا به لتحقق وقوعه وقربه كأنه موجود يخاطبهم عن نفسه، عبر عن المصدر باسم الفاعل فقال :﴿لصادق *﴾ أي مطابق الإخبار به للواقع، وسترون مطابقته له إذا وقع، وتعلمون أن ذلك الواقع حق ثابت لا خيال لمطابقته للخبر، قال ابن برجان : واعلم أن الله عز وجل ما أقسم بقسم إلا مطابقاً معناه لمعان في المقسم من أجله بسراج منير يهدي به الله تعالى من يشاء، وإنما يعمي عن رؤية ذلك ظواهر إشخاص للمحسوسات، ويصم عن إسماع ندائها ضوضاء المشاهدات، ولولا ذلك لنودوا بها من مكان قريب، وقال البيضاوي : كأنه استدل باقتداره على هذه الأشياء العجيبة المخالفة لمقتضى الطبيعة على اقتداره على البعث.
ولما كان أجل وعيدهم وما يتعلق بالجزاء يوم القيامة وكانوا ينكرونه، قال :﴿وإن الدين﴾ أي المجازاة لكل أحد بما كسب يوم البعث، والشرع الذي أرسلت به هذا النبي الكريم ﴿لواقع *﴾ لا بد منه وإن أنكرتم ذلك، فيظهر دنيه على الدين كله كما وعد بذلكن ثم نقيم الناس كلهم للحساب.
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير في برهانه : لما ذكر سبحانه المواعيد الأخروية في
٢٧١
سورة ق وعظيم تلك الأحوال من لدن قوله ﴿وجاءت سكرة الموت بالحق﴾ إلى آخر السورة، أتبع سبحانه ذلك بالقسم على وقوعه وصدقه فقال :﴿والذاريات ذرواً﴾ إلى قوله :﴿إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع﴾ والدين الجزاء، أي أنهم سيجازون على ما كان منهم ويوفون قسط أعمالهم ﴿فلا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون﴾ ﴿إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٧٠


الصفحة التالية
Icon