ولما بان بما قدمته في ﴿المقسمات أمراً﴾ ما في جهة العلو من الأسباب الموجبة للنعمة والعذاب، قال :﴿وفي السماء﴾ أي جهة العلو ﴿رزقكم﴾ بما يأتي من المطر والرياح والحر والبرد وغير ذلك مما رتبه سبحانه لمنافع العباد ﴿وما توعدون *﴾ وجميع ما أتتكم به الرسل من الوعد والوعيد والصعقة والزلزال وغير ذلك من الأهوال وموجبات النكال، وكذا الرحمة والخير والنعمة وكل ما يتعلق به الآمال، فكما أنكم تصدقون بذلك وأنتم لا ترونه فكذلك صدقوا بالجنة والنار وإن لم تروها، فإنه لا فرق بين ماء ينزله الله فيكون منه رياض وجنات وشك وأدواء ومرارات، وسموم وعقارب وحيات، وخشاش وسباع وحشرات، وبين ماء يعيد به الأموات، ثم يحشرهم إلى جنان ونيران، فكما أنه لا مرية في إظهار هذا الغيب فكذلك لا لبس في إظهار ذلك الغيب، ومن المعنى أيضاً أنك لا تشتغل برزق فإنه في السماء، ولا سبيل لك إلى العروج إليها، واشتغل بما كلفته من الخدمة لمن عنده الرزق ففي السماء الرزق وإليها يرفع العمل، فإن أردت أن ينزل إليك رزقك فأصعد إليها الصالح من عملك، ولهذا قالوا : الصلاة فرع باب الرزق ﴿واصطبر عليها لا نسئلك رزقاً نحن نرزقك﴾.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٧٥


الصفحة التالية
Icon