ولما اشار إلى أنه حين إنكاره لهم لم يعرف من أي نوع هم ولا خصوص ما هم فيه، رتب على رده لسلامهم أنه أسرع غاية الإسراع في إحضار ما ينبغي للضيف على ظن أنهم آدميون فقال :﴿فراغ﴾ أي ذهب في خفية وخفة ومواضع سترة عن أعينهم كما هو من آداب الضيافة خوفاً من أن يمنعوه أو يكدر عليهم الانتظار :﴿إلى أهله﴾ أي الذين عندهم بقرة ﴿فجاء بعجل﴾ أي فتى من أولاد البقر ﴿سمين *﴾ قد شواه وأنضجه ﴿فقربه إليهم﴾ ولما أخبر بما ينبغي الإخبار به من أمر الضيافة إلا الأكل، كان من المعلوم أن التقدير : فكان كأنه قيل : فماذا قال لهم حين لم يأكلوا ؟ قيل :﴿قال﴾ أي متأدباً غاية التأدب ملوحاً بالإنكار :﴿ألا تأكلون *﴾ أي منه.
ولما كان كأنه قيل : فمل يأكلوا، سبب عنه قوله :﴿فأوجس﴾ أي أضمر إضمار الحال في جميع سره ﴿منهم خيفة﴾ لأجل إنكاره عدم أكلهم فإنه لما رأى إعراضهم عن الطعام ذهب وهمه في سبب إتيانهم إليه كل مذهب ﴿قالوا﴾ مؤنسين له :﴿لا تخف﴾ وأعلموه بأنهم رسل الله ﴿وبشروه بغلام﴾ على شيخوخته ويأس امرأته بالطعن في السن بعد عقمها، وهو إسحاق عليه السلام.
ولما كان السياق لخفاء الأٍباب كان في الذروة وصفه بقوله :﴿عليم *﴾ أي مجبول جبلة مهيأة للعلم ولا يموت حتى يظهر علمه بالفعل في أوانه.
ولما كانا بعيدين عن قبول الولد، تسبب عن ذلك قوله، دالاًّ على أن الولد إسحاق مع الدلالة على أن خفاء الأسباب لا يؤثر في وجود المسببات :﴿فأقبت﴾ أي
٢٧٩


الصفحة التالية
Icon