من سماع هذا الكلام ﴿امرأته﴾ ولما كانت قد امتلأت عجباً، عبر بالظرف فقال :﴿في صرة﴾ أي صيحة وكرب من الصرير قد أحاط بها، فذهب وهمهما في ذلك كل مذهب ﴿فصكت﴾ أ يضربت بسبب تعجبها بأطراف أناملها فعل المتعجب ﴿وجهها﴾ لتلاشي أسباب الولد في علمها بسبب العادة مع معرفتها بأن العبرة في الأسباب وإن كانت سليمة بالمسبب لا بها، قال البغوي : وأصل الصك ضرب الشيء بالشيء العريض ﴿وقالت﴾ تريد أن تستبين الأمر هل الولد منها أم من غيرها :﴿عجوز﴾ ومع العجز ﴿عقيم *﴾ فهي في حال شبابها لم تكن تقبل الحبل، قال القشيري رحمه الله تعالى : قيل : إنها كانت يومئذ ابنة ثمان وتسعين سنة.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٧٩
ولما كان في هذا أشد تشوف إلى الجواب، استأنف تعالى الجوا بقوله :﴿قالوا كذلك﴾ أي مثل ما قلناه من هذه البشرى العظيمة ﴿قال ربك﴾ أي المحسن إليك بتأهيلك لذلك على ما ذكرت من حالك وبتأهيلك من قبل الاتصال بخليله صلى الله عليه وسلم.
ولما كان محط تعجبها أن ذلك كان بأيام شبابها أولى، عللوا إخبارهم تأكيداً له مؤكدين لأن قولها وفعلها فعل المنكر وإن كانت ما أرادت به إلا الاستثبات :﴿إنه هو﴾ أي وحده ﴿العليم﴾ الذي يضع الأشياء في أحق مواضعها فرتب عظمة هذا المولود على كل من عقمك وعجزك ؛ ثم عللوا ذلك بقولهم :﴿الحكيم *﴾ أي المحيط العلم فهو كذلك لا يعجزه شيء لما تقدم من البرهان في سورة طه أن إحاطة العلم مستلزم شمول القدرة.


الصفحة التالية
Icon