ولما كان القل بعماد البدن الذي به صلاحه أو فساده، فكان عمله أفضل الأعمال أنه به يكون استسلام الأعضاء أو جماحها، بدأ به فقال :﴿من المؤمنين *﴾ أي المصدقين بقلوبهم لأنا لا نسويهم بالمجرمين فخلصناهم من العذاب على قلتهم وضعفهم وقوة المخالفين وكثرتهم، وسبب عن التعبس والسرت والتعرض للظواهر والبواطن قوله :﴿فما وجدنا﴾ أسند الأمر إليه تشريفاص لرسله إعلاماً بأن فعلهم فعله ﴿فيها غير بيت﴾ واحد وهو بيت لوط ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وقيل : كان عدة الناجين منهم ثلاثة عشر، ولما كان الإسلام قد تطلق على الظاهر فقط وإن كان المراد من غير اعتراض أصلاً وهم إبراهيم وآله عليهم السلام فإنهم أول من وجد منه الإسلام الأتم، وتسموا به كما مضى في البقرة وسموا به أتباعهم، فكان هذا البيت الواحد صادقاً عليه الإيمان الذي هو التصديق والإسلام الذي هو الانقياد، قال البغوي : وصفهم الله التلازم وإن اختلف المفهومان، وقال الأصبهاني : وقيل : كان لوط وأهل بيته الذين نجوا ثلاثة عشر.
ولما وكان إبقاء آثار المهلكين ادل على قدرة من أهلكهم قال :﴿وتركنا﴾ أي بما لنا من العظمة ﴿فيها﴾ أي تلك القرى بما أوقعنا بها من العذاب الذي كان مبدؤه أنسب شيء بفعل الذاريات من السحاب فإنا قلعنا قراهم كلها وصعدت في الجو كالغمام إلى عنان السماء ولم يشعر أحد من أهلها بشيء من ذلك ثم قلبت وأتبعت الحجارة ثم خسف بها وغمرت بالماء الذي لا يشبه شيئاً من مياه الأرض كما أن خباثتهم لم تشبه خباثة أحد ممن تقدمهم من أهل الأرض ﴿آية﴾ أي علامة عظيمة على قدرتنا على ما نريد ﴿للذين يخافون﴾ كما تقدم آخر ق أنهم المقصودون في الحقيقة بالإنذار لأنهم المنتفعون به دون من قسا قله ولم يعتبر ﴿العذاب الأليم *﴾ أي أن يحل
٢٨١