ولما تم ما اقتضاه سياق السورة من قصة أهل الريح الذارية، أتبعها قصة من أهلكوا بما يحمله السحاب من الريح وما تحمله الريح من صوت الصحية الراجفة الماحقة فقال :﴿وفي ثمود﴾ أي قوم صالح عليه السلام آية عظيمة كذلك ﴿إذ﴾ أي حين ﴿قيل لهم﴾ ممن لا يخلف المعياد :﴿تمتعوا﴾ أي بلبن الناقة وغيره مما مكناكم فين من الزرع والنخيل والأبنية في الجبال والسهول وغير ذلك من جلائل الأمور الذي أمرناكم به ولا تطغوا ﴿حتى حين *﴾ أي وقت ضربناه لآجالكم ﴿فعتوا﴾ أي أوقعوا بسبب إحساننا إليهم العتو، وهو التكبر والإباء ﴿عن أمر ربهم﴾ أي مولاهم الذي أعظم إحسانه إليهم فعقروا الناقة وأرادوا قتل نبيه عليه السلام ﴿فأخذتهم﴾ بسبب عتوهم أخذ قهر وعذاب ﴿الصاعقة﴾ أي الصيحة العظيمة التي حملتها الريح، فأوصلتها إلى مسامعهم بغاية العظمة، ورجت ديارهم رجة أزالت أرواحهم بالصعق، وقوله :﴿وهم ينظرون *﴾ دال على أنها كانت في غمام، وكان فيها نار، ويجوز - مع كونه من النظر - أن يكون أيضاً من الانتظار، فإنهم وعدوا نزول العذاب بعد ثلاثة أيام، وجعل لهم في كل يوم علامة وقعت بهم فتحققوا وقوعه اليوم الرابع ﴿فما﴾ أي فتسبب عن ذلك أنه ما ﴿استطاعوا﴾ أي تمكنوا، وأكد النفي فقال :﴿من قيام﴾ أي بعد مجيئها بأن عاجلتهم بإهلاكها عن القيام.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٨٢
ولما كان الإنسان قد لا يتمكن من القيام لعارض في رجليه وينتصف من عدوه بما يرتبه من عقله ويدبره برأيه قال :﴿وما كانوا﴾ أي كوناً ما ﴿منتصرين﴾ أي لم يكن فيهم أهلية للانتصار بوجه، لا بأنفسهم ولا بناصر ينصرهم فيطاوعونه في النصرة لأن تهيؤهم لذل سقط بكل اعتبار.