ولما كانت المساء أليق لعظمتها وطهارتها بصفات الإلهية، قال، وأكد لما يلزم إنكارهم البعث من الطعن في القدرة :﴿وإنا﴾ على عظمتنا مع ذلك ﴿لموسعون *﴾ أي أغنياء وقادرةن ذوو سعة لا تتناهى، أي قدرة، من الوسع وهو اللطافة، وكذلك أوسعنا مقدار جرمها وما فيها منالرزق عن أهلها فالأرض كلها على اتساعها كالنقطة في وسط دائرة السماء بما اقتضته صفة الإلهية التي لا يصح فيها الشركة أصلاً، ومطيقون لما لا يحصى من أمثال لك، ومما هو أعظم منه مما لا يتناهى، ومحيطون بكل شيء قدرة وعلماً، وجديرون وحقيقون بأن يكون ذكل من أوصافنا فنوصف به لما يشاهد لنا من القوة على كل ما نريد، فلسنا كمن يعرفون من الملوك لأنهم إذا فعلوا لا يقدرون على أعظم منه وإن قدروا كان ذلك منهم بكلفة ومشقة، وسترون في اليوم الآخر ما يتلاشى وما تريدون في جنبه، ومن اتساعنا جعلها بلا عمد مع ما هي عليه من العظمة إلى غير ذلك من الأمور الخارقة للعوائد :﴿والأرض فرشناها﴾ كذلك بما لنا من العظمة إلى غير ممهدة جديرة بأن يستقر عليها الأشياء وهي آية على تمهيدنا لأرض الجنة وشقنا لأنهارها وغرسنا لأشجارها ﴿فنعم﴾ أي فتسبب عن ذلك أن يقال في وصفنا : نعم ﴿الماهدون *﴾ أي نحن لكمال قدرتنا، فما نزل من السماء شيء ولا نبع من الأرض شيء إلا بإرادتنا وتقديرنا واختيرانا من الأزل لأنا إذا صنعنا شيئاً علمنا ما يكون منه من حين إنشائه إلى حين إنباته، ولا يكو نشيء منه إلا بتقديرنا، وذلك تذكير بالجنة والنار، فما فوقها من خير فهو آية على الجنة، وما فيها من جبال ووهاد وعر وخروبة فهو آية على النار.
٢٨٥
ولما كان الأشياء المتضادة من الشيء الواحد أدل على اقدرة من هذا الوجه، قال :﴿من كل شيء﴾ أي من الحيوان وغيره ﴿خلقنا﴾ بعظمتنا.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٨٥