ولما كانت الأرض لوح السماء التي منها الوعيد، وكانت الجبال أشدها، فذكر أعظمها آية، وكان الكتاب لوح الكتاب، وكانت الكتب الإلهية أثبت الكتب، وكان طور سينا قد نزل كتاب إلهي قال :﴿وكتاب﴾ وحقق أمره بقوله :﴿مسطور *﴾ أي متفق الكتابة بسطور مصفوفة من حروف مرتبة جامعة لكلمات متفقة ككتاب موسى عليه السلام الذي أنزله عليه وكلمه بكثير منه في الطور وتنكيره للتعظيم لأنه إن كان المراد به الكتب الإلهية فهو أثبت الأشياء، وإن كان المراد صحيفة قريش فقد كانوا ظنوها أثبت العهود، وذكر أمتن ما يكتب فيه وأشده وأتقنه فقال :﴿في رق﴾ أي في جلد مهيأ بالقشر للكتابة ﴿منشور *﴾ أي مهيأ للقرأءة والاتعاظ بما فيه، ويمكن أن يكون أراد به جميع الكتب المنزلة عاماً بعد خاص، قال الرازي : قال الصادق : إن الله تجلى لعبده بكتابه كما تجلى بالطور لما كان محلاً للتجلي خلقاً، والكتاب لما كان محلاً للتجلي أمراً، أجراهما في قرن - انتهى.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩١
ويجوز أن يكون أراد به سبحانه صحيفة الظلم التي كتبوها بما تعاقدوا عليه من أنهم لا يعاشرون بني هاشم ولا يكلمونهم ولا يبايعونهم ولا يشاورونهم ولا يناكحونهم ولا يؤازرونهم ولا يعاملونهم حتى يسلموا إليه رسول الله ﷺ وعلقوها في جوف الكعبة فانحاز بنو هاشم إلى شعب أبي طالب خلف أبي قبيس وتبعهم بنو المطلب رهط إمامنا الشافعي رضي الله عنه، فتحيزوا معهم من بين بني عبد مناف، فكان ذلك سبب شرفهم على مدى الدهر، فأرسل الله على الصحيفة - بعد
٢٩٢


الصفحة التالية
Icon