ولما أثبت وقوع العذاب، تشوفقت نفس الموقن إلى وقته، قال مستأنفاً لبيان أنه وقاع على تلك الصفة :﴿يوم تمور﴾ أي تتحرك وتضطرب وتجيء وتذهب وتتكفأ تكفأ السفينة وتدور دوران الرحى، ويموج بعضها في بعض، وتختلف أجزاؤها بعضها في بعض، ولا تزول عن مكان ؛ قال البغوي : والمور يجمع هذه المعاني فهو في اللغة الذهاب والمجيء والتردد والدوران والضطراب، قال الرازي : وقيل : تجيء وتذهب كالدخان ثم تضمحل.
﴿السماء﴾ التي هي سقف بيتكم الأرض ﴿موراً *﴾ أي اضطراباً شديداً ﴿وتسير الجبال﴾ أي تنتقل من أمكنتها انتقال السحاب، وحقق معناه بقوله :﴿سيراً﴾ فتصير هباء منثوراً وتكون الأرض قاعاً صفصفاً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩١
ولما حقق العذاب وبين يومه، بين أهله بقوله مسبباً عن ذلك :﴿فويل﴾ هي كلمة يقولونها لمن وقع في الهلاك، ومعناه حلول شر فاضح يكون فيه ندبة وتفجع ﴿يومئذ﴾ أي يوم إذ يكون ما تقدم ذكره ﴿للمكذبين *﴾ أي العريقين في التكذيب وهم من مات على نسبة الصادقين إلى الكذب.
ولما كان التذكيب قد يكون في محله، بين أن المراد تكذيب ما محله الصدق فقال :﴿الذين هم﴾ أي من بين الناس بظواهرهم وبواطنهم ﴿في خوض﴾ أي أعمالهم
٢٩٥
وأقوالهم أعمال الخائض في ماء، فهو لا يدري أين يضع رجله.
ولما كان ذلك قد يكون من دهشة بهم أو غم، نفى ذلك بقوله :﴿يلعبون *﴾ فاجتمع عليهم أمران موجبان للباطل : الخوض واللعب، فهم بحيث لا يكاد يقع لهم قول ولا فعل في موضعه، فلا يؤسس على بين أو حجة.