ولما كانوا يقولون عناداً : إن القرآن بما فيه من الوعيد سحر، سبب عن ذلك الوعيد قوله مبكتاً موبخاً متهكماً :﴿أفسحر هذا﴾ أي الذي أنتم فيه من العذب مع هذا الإحراق الذي تصلون منه ﴿أم أنتم﴾ في منامه ونحوه ﴿لا تبصرون *﴾ بالقلوب كما كنتم تقولون في الدنيا ﴿قلوبنا في أمنة﴾ [فصلت : ٥] ولا بالأعين كما كنتم تقولون للمذرين ﴿من بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا عاملون﴾ [فصلت : ٥] أي أنتم عمي عن المخبر عنه مع إحراقه لهم كما كنتم عمياً عن الخبر أي هل تستطيعون أن تقولوا إنكم لا تبصرون المخبر عنه كما كنتم تقولون في الخبر كذباً وفجوراً، ثم يقال لهم بعد هذا التبكيت الذي يقطع بأن جوابهم يكون بأن يقولوا : لا وعزة ربنا ما هو بسحر ولا خيال، بل هو حقيقة، ونحن في غاية الإبصار على سبيل الإخزاء، والامتهان والإذلال :﴿اصلوها﴾ أي باشروا حرها وقاسوه وواصلوه كما كنتم تواصلون أذى عبادي بما يحرق قلوبهم ﴿فاصبروا﴾ أي فيتسبب عن تكذيبكم في الدنيا ومباشرتكم لها الآن أن يقال لكم : اصبروا على هذا الذي لا طاقة لكم به ﴿أو لا تصبروا﴾ فإنه لا محيص لكم عنها ﴿سواء عليكم﴾ أي الصبر والجزع.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٥
ولما كان المعهود أن الصبر له مزية على الجزع، بين أن ذلك حيث لا تكون المصيبة إلا على وجه الجزاء الواجب وقوعه فقال معللاً :﴿إنما تجزون﴾ أي يقع جزاؤكم الآن وفيما يأتي على الدوام ﴿ما كنتم﴾ أي دائماً بما هو لكم كالجبلة ﴿تعملون *﴾ مع الأولياء غير مبالين بهم، فكان هذا ثمرة فعلكم بهم.
٢٩٦
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٥


الصفحة التالية
Icon