ولما كانت تلك الدار غنية عن الأسباب، فكانوا غنيين عن العقد، قا لمشيراً بالباء إلى صرف الفعل عن ظاهره فإنه إذا كان بمعنى النكاح تعدى بنفسه، وتضمين الفعل " قرناهم " أي جعلناهم أزواجاً مقرونين ﴿بحور﴾ أي نساء هن في شدة بياض العين
٢٩٧
وشدة سوادها واستدارة حدقتها ورقة جفونها في غاية لا توصف ﴿عين *﴾ أي واسعات الأعين في رونق وحسن.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٧
ولما وصف حال المتقين من أعداء المكذبين وبدأ بهم لشرفهم، أتبعهم من هو أدنى منهم حالاً لتكون النعمة تامة فقال :﴿والذين آمنوا﴾ يعني أقروا بالإيمان ولم يبدلوا ولا بالغوا في الأعمال الصالحة.
ولما كان من هؤلاء من لا يتبه ذريته بسبب إيمانه لأنه يرتد عنه، عطف على فعلهم تمييزاً لهم واحترازاً عمن لم يثبت قوله :﴿واتّبعتهم﴾ أي بما لنا من الفضل الناشىء عما لنا من العظمة ﴿ذرياتهم﴾ الصغار والكبار وإن كثروا، والقرار لأعينهم بالكبار بايمانهم والصغار بإيمانهم آبائهم ﴿بإيمان﴾ أي بسب إيمان حاصل منهم، ولو كان في أدنى درجات الإيمان، ولكنهم ثبتوا عليه إلى أن ماتوا، وذلك هو شرط إتباعهم الذريات، ويجوز أن يراد وهو أقرب : بسبب إيمان الذرية حقيقة إن كانوا كباراً، وحكماً إن كانوا صغاراً، ثم أخبر عن الموصول بقوله :﴿ألحقنا بهم﴾ أي فضلنا لأجل عمل آبائهم ﴿ذرياتهم﴾ وإن لم يكن للذرية بالسبب وهو المعنى :" ولأجل عين ألف عين تكرم " ويلحق بالذرية من النسب الذرية بالسبب وهو المحبة، فإن كان معها آخذ لعلم أو عمل كانت أجدر، فتكون ذرية الإفادة كذرية الولادة، وذلك لقول النبي ﷺ " المرء مع من أحب " في جواب من سأل عمن يحب القوم ولم يلحق بهم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٧


الصفحة التالية
Icon