وهو كما ترى في غاية النفاسة، ويؤيده "يحشر المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" ويجوز أن تكون الجملة تعليلاً لما قبلها من النفي، أي ما نقصناهم لأنه قد سبق في حكمنا بأن يكون " كل امرىء " قدرنا أن يرتهن بما قد ينقصه ﴿بما كسب﴾ أي لا يضر ما كسب ما كسبه غيره " رهين " أي معوق عن النعيم حتى يأتيه بما يطلق من العمل الصالح.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٧
٢٩٩
ولما جمعهم في إلحاق الذرية بهم لأنهم من أعظم النعيم، وأمنهم مما قد يخشى من نقصهم بنقصه غيرهم، وعلل ذلك ليكون أرسخ في النفس، أتبعه بما يشاكله فقال :﴿وأمددناهم﴾ أي آمنوا والمتقين ومن ألحق بهم من ذرياتهم بما لنا من العظمة زيادة على ما تقدم ﴿بفاكهة﴾.
ولما كانت الفاكهة ظاهرة فيما يعرفونه في الدنيا وإن كان عيش الجنة بجميع الأشيء تفكها ليس فيه شيء يقصد به حفظ البدن قال :﴿ولحم مما يشتهون *﴾ ليس فيه شيء منه مما لا يعجبهم غاية الإعجاب.
ولما كان هذا النعيم العظيم المقيم يدعو إلى المعاشرة، بالقرينة العاطرة، بين أن ذلك حالهم اللازمة الظاهرة، من الخصال اللائقة الطاهرة، فقال :﴿يتنازعون﴾ أي يشربون متجاذبين مجاذبة الملاعبة لفرظ المحبة والسرور وتحلية المصاحبة ﴿فيها كأساً﴾ أي خمراً من رقة حاشيتها تكاد أن ان لا ترى في كأسها.
ولما كان في خمر الدنيا غوائل نفاها عنها فقال :﴿لا لغو﴾ أي سقط مما يضر ولا ينفع ﴿فيها﴾ أي في تنازعها ولا بسبها لأنها لا تذهب بعقولهم ولا يتكلمون إلا بالحسن الجميل ﴿ولا تأثيم *﴾ أي ولا شيء فيها مما يلحق شرَّابها إثما ولا يسوغ نسبه.