ولما كانت المعاطاة لا يكمل بسطها ولا يعظم إلا بخدم وسقاة قال :﴿ويطوف عليهم﴾ أي بالكؤوس وغيرها من أنواع التحف ﴿غلمان﴾ ولما كان أحب ما إلى الإنسان ما يختص به قال :﴿لهم﴾ ولم يضفهم لئلا يظن أنهم الذين كانوا يخدمونهم في الدنيا فيشفق كل من خدم أحد في الدنيا بقول أو فعل أن يكون خادماً له في الجنة فيحزن بكونه لا يزال تابعاً، وأفاد التنكير أن كل من دخل الجنة وجد له خدماً لم يعرفهم قبل ذلك ﴿كأنهم﴾ في بياضهم وشدة صفائهم ﴿لؤلؤ مكنون *﴾ أي مصون في الصدق لم تغيره العوارض، هذا حال الخادم فما ظنك بالمخدوم.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٢٩٩
ولما كان ألذ ما إلى الحبيب وأعظم ما يكون من أربه ذكر محبوبه والثناء عليه بما منّ به، قال تعالى شارحاً لذلك عاطفاً على ما تقديره : فأقبلوا على تعاطي ما ذكر من النعم :﴿وأقبل بعضهم﴾ لما ازدهارهم من السرور، وراقهم من اللذة والحبور ﴿على بعض يتساءون *﴾ أي يسأل بعضهم بعضاً عن السبب الموصل له إلى هذا النعيم الذي لا يقدر مخلوق على وصفه حق وصفه، ثم استأنف شرح ذلك بقوله :﴿قالوا﴾ أي قال كل منهم مؤكداً استلذاذاً بما أداهم إلى ما هم فيه لأنه لا يكاد يصدق، مسندين النعمة بفعل الكون إلى الله الذي بما أداهم إلى ما هم فيه لأنه لا يكاد بقوله :﴿قالوا﴾ أي قال تنبيهاً على أن الخوف الحامل على الكف عن المعاصي يشترط فيه الدوام، بخلاف الرجاء الحامل على الطاعات، فإنه يكفي فيه ما تيسر كما تأتي الإشارة إليه بإثبات
٣٠٠


الصفحة التالية
Icon