ولما كان التقدير : لم يكن شيء من ذلك ليكون لهم شبهة في الكلام فيك، عطف عليه قوله :﴿بل لا يوقنون *﴾ أي ليس لهم نوع يقين ليسكنوا إلى شيء واحد لكونه الحق أو ليعلموا أن هذه الملازم الفاضحة تلزمهم فيكفوا عن أمثالهم ﴿أم عندهم﴾ أي خاصة دون غيرهم ﴿خزائن﴾ ولما كان ذكر الحرمة لا يقتضيه مقصود السورة الذي هو العذاب، لم تذكر كما في ص وسبحان فقيل :﴿ربك﴾ المحسن إليك بإرسالك بهذا الحديث فيعلموا أن هذا الذي أثبت به ليس من قوله لأنه لا تصرف له في الخزائن إلا بهم، فيصح قولهم : إنك تقولته وحينئذ يلزمهم فضائح لا آخر لها، منها أن يأتوا بحديث مثله بل أحسن منه من تلك الخزائن ﴿أم هم﴾ لا غيرهم ﴿المسيطرون *﴾ أي الرقباء الحافظون والجبارون والمسلطون الرؤساء الحكماء الكتبة، ليكونوا ضابطين للأشياء كلها كما هو شأن كتّاب السر عند الملوك فيعلموا أنك تقولت هذا الذكر لأنهم لم يكتبوا به إليك ﴿أم لهم سلّم﴾ يصعدون به إلى السماء ﴿يستمعون﴾ أي يتعمدون
٣٠٥
السمع لكل ما يكون فيها ومنها ﴿فيه﴾ أي في ذلك السلم وبسببه كما يكون بعض من يحضر مجالس الملوك في الدنيا ويعلم ما يقع فيها ليكونوا ضابطين لما يأتي من الملك فيعلموا أن ما قالوه فيك حق ولما كان من يكون هكذا متمكناً من الإتيان منها بالعجائب، سبب عنه قوله :﴿فليأت مستمعهم﴾ إن ادعوا ذلك ﴿بسلطان مبين *﴾ أي حجة قاهرة بينة في نفسها، موضحة لأنها من السماء على صحة ما يرمونك به.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٠٤


الصفحة التالية
Icon