ولما انتهى ما يرجع إلى التكذيب، أتبعه الرد لا للتكذيب بل لأمره آخر، ولما كان ذلك الأمر إما من الآتي أو من المأتي إليه أو من غيرهما، كان ما من الآتي ألصق بدأ به وهو المغرم، ولما كان ما من المأتي إليه إما لحسد أو غيره، وكان امر الحسد أشد، بدأ به وهو المشاركة في الأبناء بما يكون به الفخر والرئاسة وهو علم الغيب - الناظر بوجه للكهانة المبدوء بها في قسم مع كونه قسيماً لما فرض فيه المكذب مشاركاً لخلوه عما قارن تلك الأقسام من التكذيب، هذا تمام القول في إبطال ما لزمهم فيما تقولوه في أمر القرآن، وقد تضمن ما ترى من تأصيله وتقسيمه وتفصيله من بيان مقدورات الله وعجائب مصنوعاته ما ألزمهم حتماً التوحيد الملزم بتصديق الرسالة والإذعان للحق مع ما له من الإعجاز في ترتيبه ونظمه وتهذيبه وتسهيله وتقريبه مجلوا أسلوبه العظيم بألفاظ هي الدر النظيم، ومعان علت عن لاحق بغريزة أو تعليم، يكاد لها أثبت القلوب يهيم فيطير، وأبلغ البلغاء في افنان روحها يتدله ويحير، فكان ذلك كما قال جبير بن مطعم رضي الله عنه كما روى البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه رضي الله عنهم أن رسول الله ﷺ قرأ في المغرب بالطور، وقال البخاري في التفسير : فلما بلغ هذه الآية ﴿أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون﴾ ﴿أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون﴾ - إلى قوله :﴿فليأت مستمعهم بسلطان مبين﴾ كاد قلبي يطير.
وسبق في أول السورة ما ذكره البغوي من هذا الحديث.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٠٦
٣٠٨


الصفحة التالية
Icon