ولما كان الوحي ظاهراً فيما بواسطة الملك، تشوف السامع إلى بيان ذلك فقال مبيناً له بأوصافه لأن ذلك أضخم في حقه وأعلى لمقداره :﴿علمه﴾ أي صاحبكم الوحي الذي أتاكم به ﴿شديد القوى *﴾ أفلا تعجبون من هذه البحار الزاخرة التي فأقكم بها وهو أمي فإن معلمه بهذه الصفة التي هو بها بحيث ينفذ كل ما أمره الله به ﴿ذو مرة﴾ أي جزم في قوة وقدرة عظيمة على الذهاب فيما امر به والطاقة لحمله في غير آية النشاط والحدة كأنه ذو مزاج غلبت عليه الحدة فهو صعب المراس ماض في مراوته على طريقة واحدة على غاية من الشدة لا توصف لا التفات له بوجه إلى غير ما أمر به، فهو على غاية الخلوص فهو مجتمع القوى مستحكم الشأن شديد الشكيمة، لا بيان في شيء بزواله ومن جملة ما أعطى من القوة والقدرة على التشكل، وإلى ذلك كله أشار بما
٣١٤
سبب عن هذا من قوله :﴿فاستوى *﴾ فاستقام واعتدل بغاية ما يكون من قوته على أكمل حالاته في الصورة التي فطر عليها ﴿وهو﴾ أي والحال أن جبرائيل عليه السلام، وجوزوا أن يكون الضمير المنفصل للنبي ﷺ أي استوى جبرائيل عليهما السلام معه ﴿بالأفق الأعلى *﴾ أي الناحية التي هي النهاية في العلو والفضل من السماوات مناسبة لحالة هذا الاستواء، وذلك حين رآه النبي ﷺ جالساً على كرسي بين السماء والأرض قد سد الأفق.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١٢


الصفحة التالية
Icon