ولما تقرر ذلك غاية التقرر، وكان موضع الإنكار عليهم، قال مسبباً عن ذلك :﴿أفتمارونه﴾ أي تستخرجون منه بجدالكم له فيما أخبركم به شكاً فيه ولا شك فيه، وعبر بالمفاعلة في قراءة الجماعة عن حمزة والكسائي ويعقوب إشارة إلى اجتهادهم في تشكيكه، من مري الشيء : استخرجه، ومري الناقة : مسح شرعها، فأمرى : در لبنها، والمرية بالكسر والضمر : الشك والجدل ﴿على ما يرى *﴾ على صفة مطابقة القلب والبصر، وذلك مما لم تجر العادة بدخول الشك فيه وال قبوله للجدال، وزاد الأمر وضوحاً بتصوير الحال الماضية بالتعبير بالمضارع إشارة إلى أنه كما لم يهم لم يلبس الأمر عليه، بل كأنه الآن ينظر.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣١٨
ولما كان الشيء أقوى ما يكون إذا حسر البصر، فإذا وافقه كون القلب في غاية الحضور كان أمكن، فإذا تكرر انقطعت الأطماع عن التعلق بالمجادلة منه، قال مؤكداً لأجل إنكارهم :﴿ولقد رآه﴾ أي الله تعالى أو جبرئيل عليه السلام على صورته الحقيقية، روى مسلم في الإيمان عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال ﴿ما كذب الفؤاد ما رأى﴾ ﴿ولقد رآه نزلة أخرى﴾، قال :" رآه بفؤاده مرتين " وجعل ابن مرجان الإسراء مرتين : الأولى بالفؤاد مقدمة وهذه بالعين.


الصفحة التالية
Icon