ذلك إنما هو من الله، فمن وعظ له سبحانه راجياً منه في إيمانه أوشك أن ينفع به كما فعل في وعظ مصعب بن عمير رضي الله عنه فصغى له أسيد بن حضير وسعد بن معاذ رضي الله عنهما في ساعة واحدة كما هو مشهور ﴿إن ربك﴾ أي المحسن إليك بالإرسال وغيره ﴿هو﴾ أي وحده ﴿أعلم بمن ضل عن سبيله﴾ ضلالاً مستمراً، فلا تعلق أملك بأن يصل علمه إلى ما وراء الدنيا، وعبر بالرب إِارة إلى أن ضلال هذا من الإحسان إليه ﷺ لأنه لودخل في دنيه لأفسد أكثر مما يصلح كما قال تعالى :﴿ولا أوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم﴾ [التوبة : ٤٧] وذلك لأنه جبل جبلة غير قابلة للخير ﴿أعلم بما اهتدى *﴾ أي ظاهراً وباطناً.
جزء : ٧ رقم الصفحة : ٣٢٦
ولما كان هذا ربما أوهم أن من ضل على هذه الحالة ليس في قبضه، قال نافعاً لهذا الإبهام مبيناً أن له الأسماء الحسنى ومقتضياتها في العالم موضع " والحال أنه له " أو عطفاً على ما تقديره : فللّه من في السموات ومن في الأرض :﴿ولله﴾ أي الملك الأعظم وحده ﴿ما في السموات﴾ من الذوات والمعاني فيشمل ذلك السموات والأراضي، فإن كل سماء في التي تليها، والأرض في السماء ﴿وما في الأرض﴾ وكذلك الأراضي والكل في العرش وهو ذو العرش العظيم.


الصفحة التالية
Icon